بقلم: طارق سالم

من أجمل الجمل التي نزل صداها على سمعي اليوم وتلقتها حجرات قلبي وعقلي واهتزت لها جدران فكرى الذي كان ساكنا كعادته في تقاليد أمور الحياة وطباع المجتمع فيسعد لسعادتهم ويتألم لألمهم ويخطو خطواتهم حتى تصل كل هذه النتائج إلى القلب كما هي بشحمها وهيئتها وشكلها وعاداتها لتسكن حجرات القلب دون تنقية من الشوائب مهما كانت مفرحة أو مؤلمة وتظل ساكنة إلى أن تبصره العين فتنظر بحجراته كل منها على حدة ما بها من هم سكانها من اين أتوا هل من عالمنا أو من عالم لم يعرفنا ونعرفه وبعد أن تيقنت العين أنهم من بلدتنا ومن ملتنا ومن بنى أمتنا اطمأنت وسكنت رموشها وحتى نزلت منها دمعة الأمن والسعادة لناسها وأهلها الذين سكنوا القلب وهم في راحة وأمن وأمان من بنى جوارح الحياة القاسية جدرانها والصلبة فكرها والمتحجرة دموعها .
• كل هذا والجسد بما فيه هو الملاذ الأمن للحياة والسكن بداخله ويتحسس كل أموره ويقضى حاجاته بالعقل والفكر الذي يسكنه ويتبع خطوات قلبه الذي بين جنبيه حتى تستقيم صلابة الأوامر والتحركات ونجاة الخطوات من الانزلاق الى معابر ليس لها جسور ولا هوية . و كل هذا هم سكان الجسد الذي خلقه الله سبحانه وتعالى وقدر لها أقواتها واقدارها بالحياة .
• ومن سكان هذا الجسد هو القلب الذي خلقه الله ووضعه وأسكنه بمكان علوى لأنه نبض الحياة الحقيقي وشريان متاعها ومحبتها وهو منبع الحب الرباني الذي خلقه الله ووضعه بداخله حتى يصبح هذا الجسد من أصحاب الهامات العالية ومن أصحاب الحب الصادق ومن أصحاب القلب الذي يطلق عليه قلب ملئ بالحب والحنان وهنا تكون كل تصرفاته نابعة ومروية من حجرات هذا القلب الذي ينير لصاحبه الطرقات منذ صغره وحتى كبره شيخوخته ويتجلى هذا أكثر في الشيخوخة فيصبح الحب احتواء وسكن ودار جدرانها الحب وبس والاحتواء هو التعامل النفسي والبدني والروحي
• ولكن نجد في هذا الزمان أننا والكثير منا لا يعي معنى خلق الله للجسد على أنه حافظة فقط للأعضاء الحقيقية التي ترسل الفكر الصائب والحب الممزوج بالحنان والطيبة والعشرة الطيبة وليعلم كل مكنا أن هذه الأعضاء والصفات هي الباقية هي الناجية والمنجية وليس الجسد كما يتصور البعض منا الكل منا يبكى عند موت الجسد بكاء شديدا وكأنه قطعت بفراقه سبل الحياة وحرم العيش بعدها فتجدنا يبكى ويصرخ ويعلوا صراخه لدرجة الأنين والوجع ولكنه لا يعلم أن البكاء على هذا الجسد المفارق لهو أكمر هين والاقدر منا أن نبكى على القلب الميت لأنه أشد مرارة بالفراق وأشد حرمانا للحب وأشد تناثر أوصاله بالوجع والألم والحسرة لأنه غذا مات القلب ماتت كل الطبيعة ماتت كل الحياة ماتت كل الأمل ماتت كل الأوطان ماتت كل السبل للنجاة ماتت كل الأنهار ولا تعد تروى شرايينه .
• فتعالوا بنا نفيق من غفلتنا هذه ولا نبكى على الجسد الفاني والأجدر بنا أن نبكى بالفعل على القلب الميت وهو على قيد الحياة فهناك أجسادا تحمل بداخلها قلب ميت بالفعل قلب لا يوصف غير أنه مات قبل أن يولد قلب لا ينبض إلا بالغل والحقد والحسد قلب لا ينبض إلا بالأنانية والتكبر والفهم الخاطئ قلب لا ينبض إلا بالمصلحة الشخصية حتى وإن أخدت معها في طريقها الصالح العام قلب لا يعلم معنى الحب الحقيقي الذي هو جند من جنود ربه ورحمة منه لنا وللبشرية كلها ولكنه في غفلة الميت الحى بالحياة وأعتقد أنه لا تبكى عليه الأعين ولا تبكى عليه السماء .
• واقتبس هذا البيت من أغنية عبد الوهاب : وأبيع روحي فدا روحي وانا راضي بحرماني >> وعشق الروح مالوش أخر لكن عشق الجسد فاني
فأتمنى أن لا نبكى الجسد الميت وأن نبكى على القلب الحى الميت .

Loading