[et_pb_section fb_built=”1″ _builder_version=”3.22″][et_pb_row _builder_version=”3.25″ background_size=”initial” background_position=”top_left” background_repeat=”repeat”][et_pb_column type=”4_4″ _builder_version=”3.25″ custom_padding=”|||” custom_padding__hover=”|||”][et_pb_text _builder_version=”4.7.6″ background_size=”initial” background_position=”top_left” background_repeat=”repeat” hover_enabled=”0″ sticky_enabled=”0″]
كتب: بولا فؤاد رياض
يعتقد كثير من البشر الذين يرتكبون المعاصي والشرور والآثام، ويصممون على عدم التوبة والرجوع عن خطاياهم وآثامهم، أن الله سوف يسامحهم ولا يُدينهم.
والسؤال هل مُجازاة الأشرار أبدية؟ فيظل الاشرار يُعاقبون دون شفقة إلى أبد الآبدين؟
وهل لا يُعتبر ذلك قسوة من الله الحنون؟
للإجابة على هذا السؤال نقول: أن دينونة الله تُعبر عن عدالته، والعدالة لا تعرف رخاوة، هي جادة وحازمة، ولابد أن تُنفذ وإلا تكون قد فقدت معناها.
قد تتأخر عدالة الله تاركة فرصة لتوبة المُخطئ لعله يستفيد من رحمة الله. ولكن للرحمة والتوبة زمناً أما حينما ينتهي زمن التوبة أو الرحمة فلا مفر من الدينونة العادلة.
الأبدية هي الدوام والثبات
إن حالة الإنسان الروحية، واتجاهات قلبه وقت انتقاله من الحياة الدنيا تُحدد وضعه في الأبدية.
فإما أن يتمتع بالنعيم الدائم، أو يتألم مًعذباً في هلاك أبدي دون خلاص، كقول الحكيم في سفر الجامعة “إِذَا وَقَعَتِ الشَّجَرَةُ نَحْوَ الْجَنُوبِ أَوْ نَحْوَ الشَّمَالِ، فَفِي الْمَوْضِعِ حَيْثُ تَقَعُ الشَّجَرَةُ هُنَاكَ تَكُونُ” “جامعة 11: 3”
الموت هو انتهاء الفرصة لنوال الخلاص
الوجود في حالة الجسد هو الفرصة المُعطاة للإنسان لاختيار وتحديد موقفه من الحياة أو الموت كقول الكتاب المقدس “اُنْظُرْ. قَدْ جَعَلْتُ الْيَوْمَ قُدَّامَكَ الْحَيَاةَ وَالْخَيْرَ، وَالْمَوْتَ وَالشَّرَّ” “تثنية 30: 15”
الخروج من الجسد المادي أسماه الرب رُقاداً، ومن الواضح أن الرب أراد تشبيه الموت بالليل، لأن الليل يأتي بانتهاء ساعات النهار، ويُنهي فترة عمل الإنسان، وفيه أيضاً يرقد الإنسان دون نشاط أو عمل. لقد أراد الرب بهذا التشبيه تأكيد حقيقة عدم إمكانية أي عمل روحي في الأبدية، ويمكننا أن نستنتج من ذلك عدم إمكانية تغير اتجاهات قلب الإنسان من الشر الي الخير والعكس صحيح. لقد شبه الكتاب المقدس تغير وضع الإنسان من العذاب إلى النعيم “بهوة عظيمة” لا يمكن عبورها لتأكيد نفس المعنى.
ويؤكد لنا الكتاب المقدس في مثل العذارى الحكيمات والجاهلات “متى 25” الذي يُمثل يوم الدينونة، نفس المفهوم في عبارة قاطعة وهي “قَدْ َأغْلَقَ الْبَابَ”، والمقصود هو انتهاء فرصة الاستعداد للعذارى الجاهلات.
إن زمن المُسامحة والغفران وعمل الخير والأعمال الصالحة هنا على الأرض فقط لأن التوبة لها وقت أو زمان، وهو نهار عمر الانسان لأنها تحتاج لإيمان ولعمل. ذلك العمل هو رفض الشر والندم على الخطية وقبول نعمة الله، والجهاد الروحي والتغصب وكل هذا لا مجال لإتمامه إلا أثناء النهار أي أثناء حياة الناس على الأرض.
مجازاة الأشرار أمر حتمي لا مفر منه لأنه يتعلق بمصداقية الله وأمانته وعدله المطلق يقتضي مجازاة الأشرار دون النظر لشخصية وانتماءات هؤلاء الأشرار، وهذا شيء منطقي، ولعلنا نتساءل هل قانون أي دولة أو مملكة يستثني أبناء القضاة من تطبيق أحكام القانون عليهم في حالة مخالفتهم؟!
إنها العدالة، التي لا تعرف مجاملة أو مشاعر.
لقد تشبهت العدالة بتمثال للمرأة -معروف عن المرأة قوة مشاعرها- ولكنها معصومة العينين بغطاء سميك -لا تريد أن تنساق وراء عواطفها فتضل عن الحق- وفي أحد يديها ميزان العدالة والحق، وفي اليد الأخرى سيف تقتص به للحق. إن الله هو القاضي العادل الذي ستمجده ملائكته لعدالته واستقامة قضاؤه في يوم الدينونة قائلين “عَادِلٌ أَنْتَ أَيُّهَا الْكَائِنُ وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي يَكُونُ، لأَنَّكَ حَكَمْتَ هكَذَا” “سفر الرؤيا 16: 5”
مصداقية عدالة الله
لا مفر من تطبيق العدالة، لأن المصداقية هي أهم صفة تُميز العدالة. فإذا افترضنا أن هناك قاضي يتراجع عن أحكام سبق وأصدرها بحجة التسامح والرقة. فهل يصلح أن يُسمى قاضيا؟ إن أقل ما يوصف به هو الخيانة للحق وللعدالة، والتي انعدمت على يديه.
فهل يتراجع الله ذو الجلال عن أحكامه؟!
للتوبة والرحمة وقت لابد من وقت يغلق فيه باب التوبة ليأتي دور العدالة، لأنه لو ظل باب التوبة مفتوحاً على الدوام لن يكون هناك عدالة اطلاقاً. وهل من المعقول أن يطلب تلميذ من ممتحن أن يترك له ورقة الإجابة دون تحديد وقت لانتهاء الامتحان أو حسبما شاء هو بحجة الرأفة به؟
أن الله يقبل التائبين ولكن لابد من غلق باب التوبة أمام الاشرار في وقت ما يحدده الله. وهذا الوقت يأتي بانتهاء زمن حياتهم الأرضية وأيضا بانتهاء العالم بالنسبة للبشرية جمعاء، لقد أكد الرب على مجيئه الأكيد للمجازاة وانتهاء زمن التوبة قائلاً: مَنْ يَظْلِمْ فَلْيَظْلِمْ بَعْدُ. وَمَنْ هُوَ نَجِسٌ فَلْيَتَنَجَّسْ بَعْدُ. وَمَنْ هُوَ بَارٌّ فَلْيَتَبَرَّرْ بَعْدُ. وَمَنْ هُوَ مُقَدَّسٌ فَلْيَتَقَدَّسْ بَعْدُ وَهَا أَنَا آتِي سَرِيعًا وَأُجْرَتِي مَعِي لأُجَازِيَ كُلَّ وَاحِدٍ كَمَا يَكُونُ عَمَلُهُ” “رؤيا 22: 12”
قبول الأشرار في ملكوت السموات في اليوم الاخير هو نكسة للحق وللخير، وكارثة وخيبة أمل للأبرار الذين عانوا كثيراً من شر الأشرار، بل قُتلوا ظلماً، وهم الآن منتظرين عدالة السماء في الفردوس كقول القديس يوحنا الانجيلي “وَصَرَخُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلِينَ: «حَتَّى مَتَى أَيُّهَا السَّيِّدُ الْقُدُّوسُ وَالْحَقُّ، لاَ تَقْضِي وَتَنْتَقِمُ لِدِمَائِنَا مِنَ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ؟” “رؤيا 6: 10”
فما هي مشاعرهم إذا جاءت ساعة العدالة فُوجد ظالميهم أمام أعينهم، وقد أفلتوا من العدالة ونالوا النعيم الأبدي معهم! ألا يعتبر ذلك عذاب وتعاسه وخيبة أمل لنفوس الأبرار؟ استحالة مسامحة الأشرار أو تبريرهم لأن ذلك يترتب عليه قبولهم في شركة ومملكة الله المقدسة، والتي سيحي أعضائها كجسد واحد في قداسة ودون قابلية للخطية فكيف يمكن أن يسمح الله بشركة الأشرار مع الأبرار في ملكوته السماوي “لا شركة للنور مع الظلام”
الاشرار سيحرمون من الوجود في حضرة الله. إن هذا هو المتوقع أن يحدث لأنهم سيُطرحون إلى الظلمة الخارجية “هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ” “متى 25: 30”
نعم هذا ما سيحل بالأشرار، فالعذاب قاسي جداً، الحقيقة أبشع من أي تصور،
[/et_pb_text][/et_pb_column][/et_pb_row][/et_pb_section]