كتب _ عبدالرحمن شاهين
أعلنت مصر اليوم، الأربعاء 4 يونيو 2025، عن بدء خدمات الجيل الخامس (5G) بشكل رسمي في بعض المناطق، وذلك بعد انتظار طويل عقب حصول شركات الاتصالات الأربع (المصرية للاتصالات، فودافون، أورنج، وإي آند مصر) على تراخيص تشغيل الخدمة في أكتوبر 2024، باستثمارات وصلت إلى 675 مليون دولار. ومع ذلك، تطغى حالة من الغموض على هذا الحدث، حيث أخفقت الشركات في إطلاع العملاء على تفاصيل الخدمة، مما يثير التساؤلات حول جديتها في الوفاء بالتزاماتها، في ضوء غياب الشفافية بخصوص خططها.
تعتمد تقنية الجيل الخامس على استخدام ترددات عالية (30-300 جيجاهرتز) عبر تقنية الموجة المليمترية (mmWave)، ما يتيح سرعات تحميل تصل إلى 20 جيجابايت في الثانية في ظروف مثالية، مقارنة بالحد الأقصى للجيل الرابع (4G) الذي يبلغ 1 جيجابايت في الثانية، فضلاً عن زمن استجابة منخفض يعزز تجربة المستخدم. لكن الشركات لم تقدم معلومات كافية للجمهور، وخصوصًا للعملاء، لتوعيتهم بمتطلبات الخدمة.
على الرغم من مرور ثمانية أشهر على حصول الشركات على التراخيص، لم تتقدم الشركات بتوضيحات جادة حول تجارب التقنية أو خططها التشغيلية، حيث انحصرت المعلومات المتاحة على تصريحات عامة ووعود غير دقيقة، دون تقديم بيانات واضحة عن الفحوصات أو النتائج.
تعتمد فعالية الجيل الخامس على توفير ترددات كافية، خاصة في نطاقات الموجة المليمترية التي تمنح سرعات مدهشة، لكن تغطيتها محدودة وتتأثر بالعوائق مثل المباني والأشجار، وتستخدم الشركات حاليًا نطاقات ترددية مطروحة منذ عام 2020.
بالرغم من تأكيد الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات على وجود سعات إضافية، إلا أن الشركات لم تكشف عن خطط جادة لتوسيع النطاق الترددي أو طلب ترددات جديدة، مما يعكس غموضاً حول قدرتها على توفير الخدمة بفاعلية.
نجاح الجيل الخامس يعتمد أيضًا على بناء بنية تحتية قوية تشمل شبكات الألياف الضوئية، وأبراج المحمول، ومحطات التقوية. مع ذلك، لا تزال بعض المناطق، خاصة الريفية، تعاني من ضعف هذه البنية، مما يقيّد الاستفادة الكاملة من الخدمة.
بينما وقعت شركات مثل المصرية للاتصالات اتفاقيات مع عملاق عالمي كـ”نوكيا” لتطوير الشبكة، لا يظهر التقدم بشكل واضح، والإعلانات حول هذه المشاريع جاءت محدودة وغير مفصلة.
أظهرت اختبارات الجيل الخامس في بعض المدن سرعات أعلى، إلا أنها لا تعكس الإمكانيات الحقيقية، مما يظهر عجزًا في الترددات والبنية التحتية. كما أن عدم تقديم الشركات معلومات دقيقية حول التحديات وخطط التطوير اعتبر تقصيرًا في حق العملاء.
الاعتماد الكلي على استيراد المعدات من الخارج يزيد العبء المالي، مما يثير تساؤلات حول استعداد الشركات للوفاء بمتطلبات الجيل الخامس. المستهلك الذي يتلقى إعلانات عن “أفضل العروض” يستحق المعرفة حول تأثير الخدمة الجديدة على تجربته.
غياب دور الإعلام المتخصص في إدارة التوعية بحقيقة الجيل الخامس يعد لفشل في تسليط الضوء على تفاصيل الخدمة. على الشركات أن تعزز شفافيتها وتوضيح خططها لتوسيع التغطية وتقديم باقات بأسعار تنافسية لإفادة الجميع.
في الختام، يتطلع العميل إلى أن يكون للجيل الخامس تأثيراً إيجابياً على الاقتصاد والمجتمع في مصر، وليس مجرد وعود غير مبنية على واقع ملموس. غياب المساءلة من الشركات والإعلام خلق فراغًا يحتاج إلى ملء بالمعلومات الضرورية لاستعادة الثقة.