كتب _ عبدالرحمن شاهين
التلبيس وخلط الحق بالباطل، أكد الدكتور علي جمعة، المفتي السابق للجمهورية، أن التلبيس من الصفات التي تُعد من الكبائر، مشيرًا إلى أن التلبيس يعني خلط الحق بالباطل.
التلبيس يُعد من الكبائر
وعن التلبيس وخلط الحق بالباطل أوضح الدكتور علي جمعة أن ظاهرة التلبيس تختلف عن الكذب؛ لأنها تغلف الحقائق بأكاذيب، وتمثل الدعاية الرمادية نوع من أنواع النفاق، والله يحذر المنافقين من نفاقهم، الذي يستوجب أشد أنواع العقاب والعذاب.
وكتب الدكتور علي جمعة، عبر حسابه بالفيس بوك، عن التلبيس وخلط الحق بالباطل “التلبيس صفة تعد كبيرة من الكبائر؛ لأنها تمنع أساسا من أسس الاجتماع البشري، وهو التفاهم المبني أساسا على الفهم، والفهم حتى يكون صحيحا يجب أن يكون صورة صحيحة للواقع”.
وقال الدكتور علي جمعة “إذا قام أحدهم بموجب ظاهرة صوتية يتكلم كلاما يخلط فيه الحق بالباطل، فإن هذا هو التلبيس بعينه، الذي يعطل الفهم، فيعطل التفاهم، فيعطل بعد ذلك البحث عن مشترك بين البشر، فيعطل مع هذا الاتفاق والائتلاف، ويدعو إلى النفاق والاختلاف، قال تعالى: (لِمَ تَلْبِسُونَ الحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [آل عمران:71].
مظاهر التلبيس وخلط الحق بالباطل
وتابع الدكتور علي جمعة عن مظاهر تلبيس الحق بالباطل فقال إنه: “ذكر بعض الحقائق، وحذف بعضها الآخر بما يوجب أن يصل المعنى إلى السامع أو المتلقي على غير مراد المتكلم أو الكاتب، واجتزاء قبيح، له صور مختلفة”.
وأضاف الدكتور علي جمعة “وضربوا له أمثالا منها اقتصار بعضهم وهو يتلو القرآن على وقف قبيح، كما لو قال: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاةَ) [النساء:43] والحقيقة أن النسبة لم تتم؛ حيث إن الله سبحانه وتعالى قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ) [النساء:43]. أو يقول: (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ) [الماعون:4] .
وعن ظاهرة التلبيس قال الدكتور علي جمعة: “الحقيقة أن الله سبحانه وتعالى قال: (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) [الماعون:4، 5]. ففي الآية الأولى اكتفى بالنسبة الظاهرية، فحول الكلام إلى نهي عن الصلاة ولم ينظر إلى النسبة الحقيقية التي تنهى المصلي أن يصلي مع غياب عقله، والتي عللت لذلك بوجود علمه بما يقول حتى تحقق الصلاة غاياتها من كونها صلة بين العبد وربه”
تفسير آية ويل للمصلين
وتابع المفتي السابق للجمهورية قائلًا: “وفي الثانية حذف الصفة التي هي قيد في المسألة، ومع كثرة القيود يقل الموجود، فالويل إنما هو لمصل خاص يستهين بالصلاة ويتركها، ويجعلها في هامش حياته، لا في أساسها ولا في برنامجه اليومي كما هو شأن المسلمين الملتزمين بالإسلام.
وقال “ومنسوب إلى أبي نواس بيت من الشعر قد يكون قد حاول فيه أن يبرر لنفسه معصيته بما اشتهر عنه من مجون وحب لشرب الخمر: ما قال ربك ويل للأولى سكروا.. ولكن قال ويل للمصلين، وهذا نوع من أنواع تداعي التلبيس الذي نهينا عنه.”
وأضاف علي جمعة “إن ظاهرة التلبيس تختلف عن ظاهرة الكذب؛ لأنها دائما تذكر حقيقة أو حقائق تغلفها بأكاذيب.”
وعن ظاهرة التلبيس في الدعاية قال علي جمعة “ومن المعلوم أن علم العلاقات العامة قد اهتم في دراساته لأنواع الدعاية الثلاث: الدعاية البيضاء التي لا تشتمل إلا على الحقائق، والدعاية السوداء التي تشتمل على الأباطيل بصورة خالصة، والدعاية الرمادية [إن صح التعبير] والتي تخلط بين الحقائق والأباطيل”
مراوغة الدعايا الرمادية
وأضاف “وبالتتبع وجد أن الدعاية الرمادية أشد تأثيرا في الناس، وأن الناس أكثر استجابة لها من الدعاية البيضاء والسوداء، ولكنها بما اشتملت عليه من أباطيل تكون قد خدعت جمهورها، وإن حققت المصالح المادية من مبيعات أكثر للمنتجات.”
وعن الدعايا الرمادية وخلط الحقائق قال د. علي جمعة: “إن الدعاية الرمادية تشبه إلى حد كبير في المعنى النفاق، الذي يلبس بين الإيمان والكفر، فالمؤمن واضح في دعواه، وفي إيمانه يعلنه أمام الناس، ويصدق به أمام نفسه، والكافر كذلك يعلن عقيدته أمام الناس وأمام نفسه من غير مواربة أو خداع”
واختتم حديثه عن الرؤية الصالحة فقال: “لو كان شيء من ذلك فرده ولو أنك قد رأيت صورة سيدنا محمد ﷺ، فالرؤيا مناطها الصورة والشكل وهو حق، وليس مناطها الكلام.. الرؤيا حق.. خاصة إذا كانت لنبي الله ﷺ , ومناطها إنما هو الصورة لا السمع، وهى ليست بحجة إذا خالفت الشرع الشريف أو الواقع المعيش.”