متابعة : بسيونى أبوزيد

كتبت دكتور قمرات السيد محمود دكتوراه في التاريخ الحديث والمعاصر
تحتفل مصر وقواتها المسلحة في التاسع عشر من مارس من كل عام بالعيد القومي لعودة طابا الحبيبة إلى أحضان الوطن، بعد صراع دام لعشر سنوات كاملة عبر ملحمة دبلوماسية وطنية جاءت تأكيداً لصلابة الإرادة المصرية وقدرتها على صيانة التراب المصري، في تجربة تعد فريدة من نوعها في الشرق الأوسط، حيث رأى العالم في سابقة لم تحدث له من قبل كيف يتم تسوية نزاع بين إسرائيل ودولة عربية من خلال التحكيم الدولي ودون إراقة قطرة دم واحدة.
فعقب حرب السادس من أكتوبر 1973م وإنتصار رجال القوات المسلحة البواسل على العدو الصهيوني، بدأت مباحثات السلام بين مصر وإسرائيل وأنتهت بتوقيع الرئيس الراحل محمد أنور السادات لمعاهدة السلام التي عرفت في التاريخ بإتفاقية كامب ديفيد 1979م والتي تطالب إسرائيل طبقاً لنص المادة الأولى منها بالخروج الكامل من شبه جزيرة سيناء، حيث كان يتعين على إسرائيل تبعاً لذلك تحقيق الإنسحاب في موعده أقصاه الخامس والعشرين من إبريل 1982م، لكنه وقبل الموعد المحدد بشهر واحد أفتعلت إسرائيل أزمة بشأن العلامة 91 في طابا وثلاثة عشر علامة حدودية أخرى زعمت أنهم يدخلون ضمن نطاق الأراضي الإسرائيلية وأن حدود مصر تنتهي إلى ما قبل ذلك، وبالتالي بدأت المماطلة بهدف إنهاء إتفاقية السلام، وحرصاً من القيادة السياسية المصرية على اتمام الإنسحاب الإسرائيلي في موعده وعدم إفساد فرحة الشعب المصري بعودة سيناء اتفق الجانبان المصري والإسرائيلي على تأجيل الإنسحاب من طابا وحل النزاع بالرجوع لقواعد القانون الدولي وبنود اتفاقية السلام المصرية الإسرائلية وفقاً للمادة السابعة التي تنص على أنه” في حال حدوث خلافات على الحدود يتم حلها إما عن طريق المفاوضات أو التوفيق أو التحكيم الدولي”.
وبناءً عليه بدأت مرحلة جديدة من المفاوضات والتوفيق بين الجانبين المصري والإسرائيلي إنتهت بالفشل بسبب تعنت الجانب الإسرائيلي وتمسكه بأرض ليس من حقه، ومن هنا لجأت مصر إلى المطالبة بالتحكيم الدولي، حيث صدر قرار مجلس الوزراء في 13 مايو 1985م بتشكيل اللجنة القومية العليا لطابا من أبرز الكفاءات القانونية والتاريخية والجغرافية ومنهم على سبيل المثال لا الذكر الدكتور عصمت عبد المجيد، الدكتور وحيد رأفت، الدكتور مفيد شهاب، الدكتور نبيل العربي، الدكتور يونان لبيب رزق استاذ التريخ الحديث والمعاصر، واستطاع هذا الفريق الإسطوري العظيم مستخدماً كافة الأدلة والبراهين من وثائق وخرائط وشهود عيان من إقناع هيئة المحكمة بمصرية طابا، فبعد جولات من المباحثات والتحكيم الدولي، حكمت هيئة التحكيم الدولية في جلستها المنعقدة في جنيف 1988م أن طابا مصرية، وانسحبت إسرائيل من المدينة في 19 مارس 1989م حيث أعيدت للسيادة المصرية، وتم رفع علم مصر عليها بأيدي الرئيس الراحل محمد حسني مبارك في مشهد لن ينسى من ذاكرة العالم حيث تم تسجيله في التاريخ بالصوت والصورة.
لتلحق طابا بعد ذلك بقطار التنمية السريع الذي زادت وتيرته مع تولي فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي حكم البلاد حيث جعل نصب عينيه مهمة تنمية محافظة سيناء ووضعها على خريطة التنمية الشاملة الحقيقية والمستدامة، وذلك إيماناً منه بأهميتها الإستراتيجية والتاريخية، وعرفاناً وتقديراً للجهود والتضحيات التي قدمها أهلها عبر التاريخ، وقد شملت هذه التنمية كافة المجالات، ففي قطاع المشروعات السكانية أنشئ فخامة الرئيس عدد من المدن الجديدة وتم تزويدها بكافة الخدمات التي يحتاج إليها المواطنين مثل مدينة رفح الجديدة، ومدينة بئر العبد الجديدة، وحتى لا تكون سيناء بمعزل عن باقي محافظات مصر تم إنشاء عدد من الإنفاق الجديدة بها لتكون شريان الحياة ونقطة إتصال بينها وبين باقي أنحاء الجمهورية الجديدة مثل أنفاق تحيا مصر بالإسماعيلية، ونفق الثالث من يوليو جنوب بورسعيد، ونفق الشهيد أحمد حمدي 2، وفي القطاع الصحي تم الإنتهاء من تطوير وتحديث العديد من المستشفيات المركزية والوحدات الصحية، وإنشاء مستشفيات أخرى جديدة، أما عن القطاع التعليمي تم إنشاء جامعة الملك سلمان ولها ثلاثة أفرع في(رأس سدر- الطور- شرم الشيخ)، بالإضافة إلى جامعة العريش، وإنشاء عدد من المدارس الجديدة، والمعاهد الأزهرية وتطوير وتحديث المدارس الحالية، ومن التعليم إلى الملف الإرهابي حيث بذلت الدولة جهودا مضنية في محاربة الإرهاب والقضاء على الجماعات التكفيرية في سيناء حتى تنعم مصر بالأمن والسلام كما وصفها المولى عز وجل في كتابه العظيم”أدخلوا مصر إن شاء الله أمنين”.

Loading

By hanaa

رئيس مجلس إدارة جريدة الاوسط العالمية نيوز