كتبت : لمياء كرم
العلم والفن كان دائما شريكان متوافقان في مملكة الابداع فهما من اهم اسباب التي توفر للمبدع فرصة للتألق ومن ثم عندما يجمع الفنان بين ثنائية العلم والفن فيتوفر لديه القدرة البحثية والموهبة الفنية في نظام تشكيلي يعكس تلك السمات خاص بعالم الفنان فهي سر من اسرار الحفاظ على وجوده الفني واستمرار العطاء والانتاج ومن ثم تحقيق التوازن الدينامي بالفن الجميل حيث يستوعب لكل ماهو مألوف وقريب من النفس ليحوله لمنتج ابداعي ذات بصمة مؤثرة علي المشاهد ويوجد اتّجاهٌ فلسفي معاصر ينظر للعلم والفنّ بوصفهما مركّبٍ واحدٍ.
ونحن امام نموذج لفنانة تري ان العلم يقدم زاداً وفيراً للفنّ وأن علاقة الفنّ بالعلم ، تتلخص في وحدة الهدف المتمثّل في الارتقاء بالإنسانيّة وخدمتها ، وتغير العالم سواء بطريق الإدراك الحسّي الانفعالي الفنّي ،أو بطريق الإدراك العقلي الملموس الذي يؤثر في شخص الإنسان الفنّان وهويّته الإدراكيّة المعرفيّة والإبداعيّة .
وعندما ننظر بعين فاحصة لاعمال الخزافة العالمية فاطمة عباس التي صاغت بداخله كلّ أفكارها بتلقائيّتها ووقدرة الباحثة ، فرتقت بالخزف كفن وجعلت منه رسالة تشكيليّة لقد حوّلتها من مجرّد أشكال طينيّة جامدة الى أشكال حوارية تخاطب المشاهد بلغة الاسطح والملامس ونتوءات الألوان.
فتنظرة الفنانة نحو الاشياء شكلا ومضمونا تظهرمن خلال تلاعبها بالتقنية باحترافية وعشق للخامة سعيا وراء التعبير عن الذاتها الذي يعد أمرٌ حيوي عندها مثله مثل التنفس، فتنخرط في الممارسة الفنية من موقع السيطرة تبحث وراء عملية الإلهام.
فالتنوع الذي نجده في اعمال الفنانة الكبير ينبض بالجمال والحياة وسحر اللون في قصد واضح فترصد مابعد الاشياء وتغوص في اعماقها وتشير الى روحها تعيش واقعها على اختلاف مضامينه في ظل قدراتها الاكاديمية التي تظهر في دقة الاداء والاتقان والتناسق بين الخط واللون والكتلة والضوء بل والحركة والتوازن درجة تتجسد تفاعل الكتلة مع المحيط الخارجي فنشاهد جمالا خاصًا في كل عمل، يظهر في تشكيل البلاطات الخزفية ذات الشرائح المتراكبة حيث رقة السمك، واناقة التشكيل في الأواني واطباق خزفية التي يظهر عليها البعد الجمالي مع الحفاظ علي بعدها الوظيفي لتغيّر بذلك وظيفتها النفعيّة إلى ما هو أبعد من ذلك.
وتصل بجداريتها لمرحلة التعبيرية الراقية التي تنبع من الحضارة الإنسان المعاصر وأحداث التاريخ، فنسمع صهيل الخيول وقدوم الجند وسكون الحارات وهطول المطر ورقة النساء ولعب الاطفال مما يحمل لنا عبق الماضي من خلال انتجها الفني .
ونجدالفنانة العالمة فاطمة عباس توجه تعاملاتها مع العلم والتقدم التكنولوجي فتوظيف النظريات العلمية وقوانين نيوتن في استحداث تصميمات جديدة لخزفياتها لتثبت أن الخزاف قادر على التواصل والتفاعل ومجاراة التقدم العلم فتبدع منتج ذات صفات عصرية متميزة فتهتم بالشكل من خلال الابتكار و الحرفيّة الفنان المفكر الباحث عن أسرار العلم
وتحاو تطوير مادّة الطين لنجد لديها تشكيلات خزفيّة متنوعة ذات سطوح تتميز بالبساطة و بتدبّرها نجد فيها عمق السهل الممتنع حيث وظفت الدرجات للجليزات الملونة والاوفر جليز للإيحاء بالحركة المعبرةعن المقدرة الفنية حتي تصل بها إلي نوع من التعبيرية الرمزية التي تتميزبها الفنانة عن غيرها
وعندما نشاهد التجسيم عندالفنانة فاطمة عباس نري خزافة مدركة لقيمة الكتلة إلي جانب استغلالها للطلاءات ذات البريق المعدني مما يظهر مهارة الخزافة الباحثة وقدرتها الفائقة على ادارة العملية التشكيلية التي تتطوع من خلالها الخزف للتشكل حسب حسها التعبيري.
لذا نحن امام فنانة رائدة في مجال الخزف ذات بصمة قوية مؤثرة نقف لها اجلال واحتراما لمشوارها الفني لتكون قدوة للاجيال القادم متعها الله بالصحة والعافية .