كتبت : لمياء كرم

الفانتازيا هي شكل من أشكال تناول الواقع بأسلوب غير مألوف، عن طريق إدراج عناصر خيالية، أو فلكلورية، مع الواقع في إطار متماسك نابع من ذات الفنان، وعالمه الخاص . جميع الفنانين يسعون لإصال رسائل معينة للمشاهد لجعله يتعايش في حالة شعورية يريد الفنان مشاركتها معه. فالعمل الفني المرئي يحفز المشاهد، ويساعده علي خلق حاله شعورية يعيش فيها فلا يقف فقط أمام المشاهدة السطحية، بل يتعمق داخل العمل . وعند متابعة أعمال الفنانة التشكيلية ( هدي سعيد) نجد عالم من السحر، والجمال بلا قيود، حيث تتحرك داخل فضاء خيالي ناتج عن نوع من انواع الفانتازيا، التي لها اطلالة مبهجة، وقدرة علي نشر السعادة داخل مسطح العمل الفني طبقا لقواعد، وقوانين عالم الفانتازيا الخاص بالفنانة، والمنسجم مع العمل الفني من خلال تناولها لمعايير بناءية، وتوزيع فني مميز للوصول الي إشراقة التفاؤل، والأمل عند المشاهد كما في تناولها لوحدات من الطبيعة، ورسم الزهور الحمراء التي تفترش مسطح اللوحة لتعطي ايحاء بالتفاؤل، وأيضا الوجه ذات الإطلالة البريئة النقية لفتيات بزي الفلكلوري المميز بخطوط بسيطة معبرة. تمكنت الفنانة من استخدام بناءية التكوين متوافقة، مع رؤية شكلية نابعة من روح الفنانة لإظهار الجوانب تعبيرية إنسانية في العمل الفني مثل التعبير عن الفرحة ولحظات السعادة . كما نلاحظ تماسك، وترابط العمل الفني الذي يساعد علي عملية التركيز علي العنصر داخل مسطح اللوحة، فتشعر كأنك تطل علي عالم الاحلام من خلال صندوق الدنيا، لتشاهد شخصيات، وحكايات من نسج الفنانه، التي تتلاعب بحرفية بالألوان، وتطفي لمسة خيالية علي العمل الفني مستخدمة توزيعات لونية واعية بحس فني رقيق. رغم استخدام الفنانة لباليتة لونية قوية تخدم فكرة الموضوع فنجحت في صياغة حورات، ورؤى شكلية تؤثر علي المدرك البصري لجذب انتباه المشاهد لمضمون العمل ،فنجدها نوعت بين السخن، والبارد، واستخدمت الألوان المتكاملة وحققت نوع من أنواع الشفافية في بعض أجزاء العمل بحرافية لتذكرنا بكونها مهندسة ديكور يمكنها استخدام اللون بثقة عالية نابعة من دراستها. كما صنعة لنا الفنانة تكامل بين الرمز الشكلي، والرمز اللون مستخدمة تباديل، وتوافيق نجحت بها في نقل رسائل من الأمل، والتفاؤل للمشاهد. يتضح لنا دوافع الفنانه هدي سعيد، التي سكنت بين المفردات التشكيلية، حيث ذهبت الي ماوراء المعتاد. تحررت الفنانة من الشكل الفلكلوري الواقعي، وقامت باعادة صياغته من جديد، مثل تجمعات الأشخاص، وتجمعات البيوت النوبية، والمساجد باسلوب رقيق، وانيق. رغم استخدامها للألوان الساخنة الصريحة، والباردة لكنها تمكنت من خلق جو من الانسجام بينهم بالربط بمجموعة الألوان المحايدة من خلالها صنعت توازن لوني داخل محيط العمل باسلوبها الخاص، لتنتج لنا عمل فني معاصر غير تقليدي كما يحدث في الفنون البكر مثل الفن الأفريقي، وفنون الأطفال حيث نقاء الفطرة تظهر في التشكيل لكن بمهارة الفنان المتمرس لذا، فنحن امام فنانة تعبيرية جميلة تسعي خلف الإبداع عن طريق البساطة، و النقاء الفطري لنشر حالة من فانتازيا البهجة في العمل الفني.

Loading

By hanaa

رئيس مجلس إدارة جريدة الاوسط العالمية نيوز