بقلم: نورا حمدي

تشعر بالاكتئاب العابر تضيق عليك فجوات السعادة، وتتقلص فيك مسام الفرح، فكيف حين تفقد الشغف؟! وعندما تجد نفسك فقدتَ القدرة على الاستمتاع بالأشياء البسيطة؛ فأنت حتماً تمارس الموت البطيء! وأجزم أن فقدان الشغف أسوأ من الاكتئاب، فربما يُنتج الاكتئاب إبداعاً؛ حين تتجه للكتابة أو الرسم أو الغناء للتعبير عما في نفسك أو حتى محاولة ممارسة التفكير أو السفر أو الصمت! أما فقدان الشغف فهو قتل ناعم لا علاج له، حيث لا يكاد يجذبك ثمة شيء نحو أي شيء!

ويحتضر الشغف وينازع عند الشعور بعدم الاهتمام أو الإهمال أو الجفوة أو الهوان، ويعز على المرء الحر فقدان شغفه بالحياة التي كان يدفع أياماً من عمره ثمناً لأجلها، ويهدر جهده وفكره قرباناً لها، فتصبح الأيام مجرد تمضية فراغ، وإزجاء وقت! وما لذة الحياة إلا بالولع في أبجديات بدايتها ومنتصفها ونهاية حروفها السعيدة! وما تحولها لروتين يتطلب المعايشة فقط إلا موتاً مشوباً بملل! وخسارة عنصري الخلق والإبداع هي خيبة تسبق قتل الحياة! ولم أجد مفتاحاً للنجاح والتفوق والانطلاق مثل الشغف!

ولو أن كل البشر يدركون أن كل أمرٍ دنيويٍّ مصيرهُ للملل والزوال، إلا أن أمنيتهم الدائمة استمرارية الدهشة، وأبدية الشغف، فهو مفتاح الإنجاز لأنه يضاعف الرغبة في النجاح ويدعم الإرادة ويزيد الطاقة ويشعل الحماس ويحول الشخص العادي إلى شخص متميز.

ألا، فادعوا ربكم ألا ينطفئ بريق شغفكم بعد كل خيبة، ولا تسرقه لحظة يأس، أو تخطفه برهة ضعف في تكرار المواقف السلبية، وإحساسكم بالظلم أو الخيبة أو القنوط، ولا تنسوا في كل مفاصل يومكم أن تخلقوا الفرصة لأحلامكم الصغيرة حتى أمام قلة حيلتكم وفراغ أرواحكم من الدافعية، كيلا تكون حياتكم بلا هدف، وتنطفئ شموع لهفتكم بعد التوهج، لأنكم – بعدها – وإن عادت لكم الفرصة، فمن يعيد لكم الشغف؟! ومن يعيد لكم متعة النظر لأنفسكم في مرآة الفرح؟!

حدثوني عن متعة الحياة؛ أحدثكم عن الشغف

Loading