كتبت : لمياء كرم

الكاريكاتير “هو واحد من أهم الفنون التعبيرية التي تعد طرقية للحوار المجتمعي البسيطة لها القدرة على نقد السلبيات أو مدح الإيجابيات   بشكل أوسع وأكثر فعالیة من الكلمات في كثیر من الأحیان، فلا نجد صعوبة في فهمه، واستعاب الرؤية الفكرية خلف العمل، بأسلوب لطيفة مهذبة، فهو فن الخطاب الجاد في قالب المبالغة الساخرة، يعرض الفنان نقداً لحقيقة ما ، أو اظهارلعيوب، وأوضاع حياتية أومجتمعية،أوسياسية أو رياضية، أوأي مظهرمن المظاهر السلبية يتناولها الفنان بالانتقاد في سورة رسومات ساخرة بهدف لفت الانظار اليها، و تطويرها، فكل ما يهدد الحياة يستوقف فنان الكاركاتير ليحاول أن يستعرضة للمشاهدة معتمدا علي الجانب  السيكولوجي للمتلقي مثيرا للشعور بالتناقض، والدهشة من خلال التلاعب بالمبالغة والحذف وتحريف الملاح الطبيعية ، أو الخصائص،المميزة للشخصية،  أو الجسم ليصل إلي التعبير بأسلوب ساخر عن المضامين، فهو منهج يتبعة الفنان كوسيلة لإيصال رسالة منه إلى المتلقي وبسبب شدة تأثیره

ويمكن القول أنه منهج يتمرد علي الشكل الأكاديمي للفن المدروس الذي يتقيد بالقواعد المحكمة، بل أنه دائما يمتازبالحرية في الحذف، والمبالغة، وهذا ليس أمراً سهلاً لأنّه يحتاج إلى حس ساخر، وفكرابداعي ، و جودة في الاداء، وبساطة في التعبير  وقدرة علي انتقاء المفردات بعناية، وتلخيصها بسهولة، وسرعة حتي ينقل الرؤية النقدية للمتلقي ، وباسلوب محبب يضفي البهجة، والابتسامة التي تنبع من المظهر الهزليَّ للشخصة المرسومة

لهذا الفن  جذور تاريخية  تعود إلى العصور الفرعونية، فحرص المصري القديم على تدوين تعليقاته الساخرة على قطع من الفخار، والأحجار الصلبة والبرديات، وحوائط ، هي تشمل رسوماً للحيوانات مختلفة ظهرت بشكل . ساخر كمشهد في جزء من بردية ترجع إلى عام 1150 قبل الميلاد، نرى قطة ترعى سرباً من الأوز، وثعلباً يعتني بقطيع من الماعز، ومشهد أخرعلى قطعة من الفخار، من دير المدينة يرجع تاريخها إلى السنة نفسها، نرى قطة تؤدِّي دور خادمة تروِّح عن سيدتها المرسومة على هيئة فأر

هناك عدة من الجداليات تاريخيَّة، واجتماعيَّة وفنيَّة متعلقة بتلك  الرسوم. فهي تؤسس بقوة جذور هذا الفن ودلالاته المتنوعة منذ البداية، وحتى اللحظة الراهنة، إذ إنها أظهرت شكا حياة، وتاريخ العمال في العصور الفرعونية.

استخدم العامل المصري القديم فنه في رسم صورة لمجتمعه بمتغيراته السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، حيث يشير إلى أن فترات عصور الانتقال التي صاحبها اضطراب اجتماعي انعكست بدورها على الفن المصري، لتظهر بعض الرسوم كاريكاتيرية تعتمد أسلوب النقد الساخر من الأوضاع السياسية والاجتماعية، حيث رمز فيها للإنسان بالحيوان كنوع من “التورية”، وتمثل علاقات غريبة بين الحيوانات باختلاف طبائعها، في رمزية للمشهد وهو يعد أول وأبرز ظهور لفن الكاريكاتير

ولكن ازدهر هذا الفن في أوروبا عندما ظهر عدد كبير من فناني الكاريكاتير العالمي الذين سجلوا حضورا رائعا في نفوس الناس خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، منهم وليم هوغارث وهو انجليزي  الجنسية وفرانسيسكو غويا وهونوري دومييه،وغيرهم ، ويعتبر “هوغارث الأب الروحي للمدرسة الإنجليزية في رسم الفكاهة بأسلوب الحفر، وكانت له شخصية مرموقة، وقد أعطى الفن الأوربي منظورا جديدا، وقد أطلق على هذا العصر العصر الذهبي لفن الكاريكاتير.

لذا فهو فن العالمي؛ ليس فقط لكونه يعد  أصيل في مفاهيمه وله قواعد اكاديمية وإنما في العمليات الإبداع والخيال والجرأة والشجاعة التي تلزم فنان الكاركاتير ليتغلب علي التقاليد الجامدة التي قد تكون عقبات أمام ابداعة فليس كل رسام تشكيلي يستطيع أن يكون رساماً كاريكاتيريا، إنها موهبة أخرى نادرة، ايضا إلي الحس الفكاهي. لفنان الكاريكاتير يلم نوع من الفطرية والتلقائية التي لاتتوفر لا لقلة من الفنانين،  ويجب أن يكون ايضا ملم  بالخبرات التقنية، والدقة وسرعة الفهم ، وهذا هو الفرق بين الكاريكاتير الغث، والثمين في عالم الفن

Loading

By hanaa

رئيس مجلس إدارة جريدة الاوسط العالمية نيوز