يصادف اليوم الأربعاء 6 أغسطس، الذكرى الـ 80 للقصف الذري الأمريكي على هيروشيما اليابانية، وتم إحياء هذه الذكرى المؤلمة بإقامة مراسم رسمية شارك فيها ممثلو أكثر من 100 دولة، وقف خلالها الحضور دقيقة صمت تخليدًا لأرواح الضحايا.
جرت المراسم في «منتزه السلام التذكاري» وسط المدينة، حيث ألقى مسؤولون محليون كلمات دعوا فيها إلى تعزيز الجهود الدولية لنزع السلاح النووي ومنع تكرار مآسي مشابهة، معربين عن إحباطهم إزاء تزايد الدعم بين قادة العالم لامتلاك الأسلحة النووية كوسيلة ردع.
مطالب بحظر الأسلحة النووية
تحرص اليابان سنويًا على إحياء هذه الذكرى وسط دعوات متكررة من ناجين ومنظمات دولية لحظر الأسلحة النووية وتخليد ذكرى الضحايا، خاصة مع تصاعد المخاوف من سباق التسلح النووي حول العالم، حيث تعد هيروشيما رمزًا عالميًا للسلام ونزع السلاح، حيث تستقطب المناسبة اهتمامًا دوليًا واسعًا كل عام، في وقت تتجدد فيه النقاشات حول استخدام القوة النووية كخيار عسكري.
أسباب القصف الذري الأمريكي على هيروشيما وناجازاكي
أكدت الولايات المتحدة، أنه لتسريع استسلام اليابان، ألقت يومي الـ 6 والـ 9 من أغسطس عام 1945، قنبلتين ذريتين على «هيروشيما وناجازاكي» ما أضطر اليابان للاستسلام العاجل وغير المشروط لقوات الحلفاء في الـ 15 من أغسطس من العام ذاته.
قامت الولايات المتحدة بقصف مدينتي «هيروشيما وناجازاكي» باستخدام قنابل نووية بسبب رفض تنفيذ إعلان مؤتمر «بوتسدام»، وكان نصه أن تستسلم اليابان استسلامًا كاملًا بدون أي شروط، إلا أن رئيس الوزراء الياباني «سوزوكى» رفض هذا التقرير وتجاهل المهلة التي حددها إعلان بوتسدام.
بموجب الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس «هارى ترومان»، قامت الولايات المتحدة بإطلاق السلاح النووي «الولد الصغير» على مدينة هيروشيما يوم الإثنين 27 شعبان عام 1364هـ، الموافق 6 أغسطس عام 1945، ثم تلاها إطلاق قنبلة «الرجل البدين» على مدينة ناجازاكى في التاسع من شهر أغسطس، وكانت هذه الهجمات هى الوحيدة التى تمت باستخدام الأسلحة النووية في تاريخ الحرب.
140 ألف حالة وفاة في هيروشيما و80 ألف ناجازاكي
قتلت القنابل ما يصل إلى 140 ألف شخص في هيروشيما، و80 ألف في ناجازاكي بحلول نهاية عام 1945، حيث مات ما يقرب من نصف هذا الرقم في نفس اليوم الذي تمت فيه التفجيرات، ومن بين هؤلاء مات 15- 20% متأثرين بالجروح أو بسبب آثار الحروق، والصدمات، والحروق الإشعاعية، يضاعفها الأمراض، وسوء التغذية والتسمم الإشعاعى، ومنذ ذلك الحين، توفى عدد كبير بسبب سرطان الدم «231 حالة» والسرطانات الصلبة «334 حالة»، تأتي نتيجة التعرض للإشعاعات المنبثقة من القنابل، وكانت معظم الوفيات من المدنيين في المدينتين.
استسلام اليابان في 15 أغسطس 1945
بعد 6 أيام من تفجير القنبلة على ناجازاكى، في 15 أغسطس 1945، أعلنت اليابان استسلامها لقوات الحلفاء، حيث وقعت وثيقة الاستسلام في الثاني من شهر سبتمبر، مما أنهى الحرب في المحيط الهادئ رسمياً، ومن ثم نهاية الحرب العالمية الثانية، كما وقعت ألمانيا وثيقة الاستسلام في السابع من مايو، مما أنهى الحرب في أوروبا، وجعلت التفجيرات اليابان تعتمد المبادئ الثلاثة غير النووية بعد الحرب، والتي تمنع الأمة من التسلح النووي.
مدينة هيروشيما
كانت مدينة هيروشيما، تتمتع ببعض الأهمية الصناعية والعسكرية في الوقت الذي تم تدميرها، فكان هناك عدد من معسكرات الجيش، بما في ذلك مقر الشعبة الخامسة والمقر العام الثاني للجيش الخاص بالمشير «شونروكو هاتا» المسؤول عن الدفاع عن جميع الأجزاء الجنوبية فى اليابان، وكانت مُزوِد ثانوى وقاعدة لوجستية للجيش الياباني، وكانت المدينة مركزاً للاتصالات، ونقطة تخزين، ومنطقة تجميع للقوات، وكانت واحدة من المدن اليابانية العديدة التى كانت بمنأى عن القصف الأمريكى، مما جعل أهلها يستشعرون الضرر الناجم عن القنبلة الذرية بحرقة شديدة، وصل عدد سكان هيروشيما في وقت الهجوم بين حوالى 340- 350 ألف، ويظل عدد السكان آنذاك غير مؤكداً بسبب إحراق الوثائق الرسمية.
انطلقت القنبلة الساعة الثامنة والربع «بتوقيت هيروشيما» كما كان مخطط، وهى قنبلة تعمل بقوة الجاذبية تسمى «ليتل بوي»، كما أنها قنبلة ذات انشطار مصوب، وتحمل 60 كيلوجراماً «130 باوند» من اليورانيوم 235، واستغرقت القنبلة 57 ثانية لتسقط من الطائرة وتصل إلى الارتفاع الذي ستنفجر فيه، وهو حوالى 600 متر «2000 قدم» فوق المدينة
إنذار بوتسدام
في السادس والعشرين من شهر يوليو، أصدر «ترومان» وغيره من زعماء التحالف إعلان بوتسدام الذي يحدد شروط استسلام اليابان، وقد تم تقديمه بمثابة بلاغ نهائي، فإذا لم تستسلم اليابان، سيهاجم الحلفاء البلاد وسيؤدي ذلك إلى التدمير الحتمي والكامل للقوات المسلحة اليابانية والوطن بأكمله، ولم يذكر البيان أى شيء عن القنبلة الذرية.
في الثامن والعشرين من شهر يوليو، أعلنت الصحف اليابانية أن الحكومة قد رفضت إعلان بوتسدام، وفي ظهر ذلك اليوم، أعلن رئيس الوزراء «كانتارو سوزوكى» في مؤتمر صحفي أن إعلان بوتسدام عبارة عن إعادة صياغة لإعلان القاهرة، ومن ثم تجاهلته الحكومة عمداً، واعتبرت الصحف اليابانية والأجنبية هذا التصريح بمثابة رفض واضح للإعلان، ولم يسعى الإمبراطور «هيروهيتو» لتغيير موقف الحكومة، وكان ينتظر الرد السوفيتي على النوايا اليابانية المبهمة نحو السلام.
في الحادي والثلاثين من شهر يوليو، صرح الإمبراطور لمستشاره «كويتشى كيدو» أنه يجب الدفاع عن الرموز الإمبراطورية اليابانية بأى ثمن، وفي مطلع شهر يوليو، أعاد «ترومان» النظر في استخدام القنبلة النووية أثناء ذهابه إلى مدينة بوتسدام، وفي النهاية، قرر «ترومان» مهاجمة اليابان باستخدام القنابل النووية، وأعلن عن نيته فى إصدار أوامره بشن الهجوم بحجة إنهاء هذه الحرب سريعاً عن طريق إلحاق الدمار وزرع الخوف داخل الشعب اليابانى، ومن ثم إرغام البلاد على الاستسلام.
معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية
فتح باب التوقيع على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية عام 1968، ودخلت حيز التنفيذ في مارس 1970، وتوصف المعاهدة بأنها حجر الزاوية في منظومة منع الانتشار النووي، ووضعت تحت رعاية الأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وفقًا لنص المعاهدة، فإن الدول الأطراف اتفقت على إبرامها تماشياً مع قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي دعت مراراً إلى اتفاق دولي يحد من انتشار الأسلحة النووية، وتستند المعاهدة إلى قناعة بأن أي حرب نووية ستخلف دماراً شاملاً للبشرية، وأن تقليص انتشار هذه الأسلحة يساهم في خفض التوترات الدولية وتعزيز الثقة بين الدول.
تنص ديباجة المعاهدة على السعي إلى وقف إنتاج الأسلحة النووية، وتصفية المخزونات القائمة، وإزالة وسائل إيصالها، في إطار نزع سلاح شامل وخاضع لرقابة دولية صارمة وفعالة.