كتبت: لمياء كرم صافي

القدرة الإبداعية بدايتاً تكون جزء من موهبة الفنان  تُنَمي، وتُطَور من خلال تفاعل الخبرة، مع الوقت، فالتواصل المستمر في انجاز اعمال فنية، وخوض كثير من التجارب الجمالية ،تكسب الخبرة التي تُكون المفهوم الجمالي عند الفنان، وتُزيد من قنوات الابداع، وتُثري صيغ التشكيلية لدي الفنان ، كلاً وفق أفكاره، وتقنياته، وايضاً يبني لديه القيم الجمالية، بين المظهر، والرمز والدلالات، والابعاد الفكرية، والفلسفية

ومن خلال قراءة اعمال الفنان عماد أبو الخير نلاحظ أنه يتمتع بصفات شخصية، وعقلية، ونفسية متنوعة، لكن أهم السماته العامة هي امتلاكهم  قدرات إبداعية تساعده علي أن يصل للتوفيق بين المتعارضات الكامنة في طبيعته، ويحاول بشكل دؤوب لتحمل ذلك التوتر، حتي يصل إلي التكيف معه، والحد منه، ويمكن القول أن خبرات الفنان  المكتسبة تخفف من حدة ذلك التوتر، حتي يتمكن من وضع عناصر المشهد بشكل واعي مدرك للقيم الجمالية، التي يحاول الوصول إليها، ليحتضن المضمون الفكري،  فيتحرر العقل من كثير من الشوائب، والأفكار، التي لاصلة لها بذلك المضمون، ربما تعوق، أو تعطل أجراء العملية الإبداعية، ويبذل الفنان من أجل ذلك جهد شديد يتضمن هضماً عقلياً  شعورياً ، ولا شعورياً، في سبيل الوصول إلي انبثاق شرارة الإبداع، حتي يري الفكرة مكتملة.

ويري الفنان أن فن البورتريه لا يقتصر على توثيق هيئة الشخص المرسوم، لكنه فن يدخل فيه التعبير عن مكانة، وأهمية، وطباع الشخص المرسوم، وصولاً إلى حالته النفسية، كمان نشاهد ذلك في لوحة السيد المسيح التي رسها الفنان ليعبر عن المعاناة، والصبر علي الآلام، ونري ذلك من خلال نظرة العين، واكليل الشوك الذي يحمله علي رأسه، والدماء التي تسيل علي الوجه ، وهو أسلوب تعبيري بليغ ، فيمتلك الفنان القدرة الفنية علي الارتقاء بالبورتريه، باعتبار أن الهدف ليس تسجيل الشكل، ولا تجميد اللحظة، إنما التعبير عن مضمون إنساني ووجداني عاطفي، فيجعل المشاهد يتأمل، ويغوص في ملامح صاحبه وانفعالاته ومشاعره، من خلال إبراز سمات الفرح، أو الحزن، أو التأمل، أو الدهشة، والاعتراض، أو التكبر أو التواضع، أي أنه يبحث داخل الانسان، في وجدانه وروحه، يبحث عن التجارب الإنسانية، ليقدِّم القيمة الحقيقية للإنسان بدلاً من تسجيل واقعه، يتعامل مع الجوهر بدلا من المظهر، حتى ولو كان ذلك على حساب دقة التشابه، وهذا ما يتطلب براعة كبيرة وجهداً ذهنياً ملحوظاً .

فهو ليس فنان تشكيلي محترفا فحسب، بل ينفعل مع الحدث ويخترق من خلاله حواجز السطحية نحو العمق الناضج جماليا، و يتحمل مسؤولية توجيه الفكرة والرؤية ، انطلاقا من الواقع بحثا في الملامح، وتدفقات نفسية ليصبح الفن عنده رمزي متجدد التعبيرات ، يتقبل المعاني التي تكتب تفاصيلها اللونية، والضوئية ، والإنسانية بكل انفعالاتها، والمتوغلة في العمق لتنعكس أفكارا تحررت من قيودها، و أطرها وهنا يكمن الابتكار الداخلي للصورة مستخرجا إياها من سطحية المشهد، حيث يدرك بعينه ما يراه بعين المتلقي الذي يمثل الذات المنفردة، والمجتمع المعقد لتصل التجربة الى سمو الفكر والإحساس، والحالة النفسية في سردها البصري كفلسفة ذات تعبيرات تستنطق الوجود  باعتماد علي مزج تكامل بين الفكرة والصورة.

فهو فنان لايتوقف طموحه هنا عند المنتج الفني بل هو يصنع فنان تعبيريا وجديد يضيف للمشاهد بعدا فكريا وثقافيا مع البعد البصري ، ونتمني له دوام التوفيق والابداع .

Loading

By hanaa

رئيس مجلس إدارة جريدة الاوسط العالمية نيوز