قراءة نفسية وسيكولوجية لرواية سجينة بين قضبان الزمن

سفيان حكوم آعلامي وكاتب مغربي

‏‎كان أوَّل عهد للشاعرة والروائية ، اللبنانية زينة جرادي مع الكتابة ، في الإعلام المقروء كبادرة أولية ، وبعدها مالكة لعدد من المطبوعات منها :
‏‎- مجلة سناء

  • مجلة ESTHETIC
  • مجلةBELLA TEENAGER
    وتستعد لنشر
    ‏‎رواية ” في حضرة القدر ” ، رواية عاطفية مستوحاة من عالم الجاسوسية .
    ‏‎- رواية ” الرَّقص في معبد الشيطان ” رواية ذات
    ‏‎طابع عقائدي وجداني ، وإنساني عميق .
  • رواية ” جانسان ” قصة خيالية تجمع بين تزاوج الجان والانس ، وما يترتب عليها من مصاعب .
  • رواية زهرة الغاردينيا .
  • نالت زينة جرادي شهادة دكتوراه فخرية ، في الأدب العربي تكريما عن روايتها سجينة بين قضبان الزمن ، كما نالت لقب سفيرة الأدب العربي ، في لبنان من رئاسة سفراء الأدب العربي في العالم .
    من أعمال الكاتبة زينة جرادي :
  • سجينة بين قضبان الزمن
  • خربشات امرأة ( وجدانيات نثرية عاطفية )
  • صدرت كتب زينة جرادي عن دار النخبة ، ودار المؤلف مؤسسة زينة جرادي للطباعة والنشر .
    تمت ترجمة روايتها سجينة بين قضبان الزمن إلى اللغة الانكليزية ، كما دخلت زينة جرادي عالم “ا لرواية ” ، من خلال روايتها ” سجينة بين قضبان الزَّمن ” ، مجسِّدة معاناة الأمومة المظلومة ، فهي ترسم بقلمها شفافية الكلمة ، ومن هنا نقدم في ما يلي تحليل نفسي وسيكولوجي لاحداث وأبطال رواية سجينة بين قضبان الزمن .

الابعاد النفسية والانفعالات العاطفية بصياغة الثوب الروائي لروايتها .
قراءة سيكولوجية في رواية ” سجينة بين قضبان الزمن ” للروائية الاعلامية زينة جرادي .
تأخذنا القراءة السيكولوجية بمفاصل رواية (سجينة بين قضبان الزمن ) ، للروائية الدكتورة زينة جرادي الى مواطن الكيان البشري ، وما فيه من عقد وخيوط متشابكة نفسيا ، فتظهر لنا الانعكاسات التي تسيطر على ازقة الحياة الشرقية ، وتأثيراتها على سلوكياتنا ، حيث تؤدي بنا الى مطافات خطيرة غير حميدة . عمدت الكاتبة على تشريح ابطال روايتها بموضع التحاليل النفسية ، لفرض الواقعية على روحانية روايتها وملامسة احاسيس القارىء ، بلا مواربة او تكلف ، كما عمدت الى تعرية الابطال من القناع الاجتماعي ، مركزة على تفصيل انفعالاتهم النفسية ، ايذاء احداث صاغتها ملائمة ، لكشف الحالات النفسية عندهم ، فكان نمط يراعها صادقا ، وصادقا باظهار وكشف النقاب عن الكثير من المشاكل النفسية ، ابرزها : الامومة المتألمة / الزواج المبكر/ الهيمنة الذكورية / التعنيف الزوجي/ الحب المحرم وغيرها ، فكل هذه العوامل انكشفت وفق نسيج متماسك للاحداث ، وبلاغة راقية وتحليل سيكولوجي علمي للرواية .
الزواج المبكر :
(الهام) بطلة الرواية تزوجت بالاكراه في السادسة عشر من عمرها ، بأول عريس دق الباب ، لأنه كان مغتربا في افريقيا وميسور الحال ، ثم هاجرت معه الى بلاد غريبة عنها بكل ما فيها ، ومن هناك بدأت الاحداث تتشابك ، كان الزوج (عدنان ) متسلطا وقاسيا بلا رحمة ، مما خلق اشكالات من اليوم الاول للزواج ، فمارس التعنيف على زوجته بطريقة وحشية ، الامر الذي خلق عندها حالة من الرعب او الهلع . جسدت الكاتبة بنمطية (ثقافتها السيكولوجية) ، الحالة التي اصابت بطلة روايتها ، فكانت مكتئبة جدا مما جعلها تمر بحالة لانكار الذات ، وبالتالي تصاب بحالات من الخوف والارتباك ، لكنها صمدت امام مواجهة واقعها ولم تفكر بالانسحاب ، كما يحصل عموما في حالات التعنيف ، ربما لان الهام في الرواية كانت امرأة متسامحة بينها وبين نفسها ، اما الزوج عدنان فكان متأثرا بنمطية التربية الشرقية التي تعطي الذكر صلاحيات واسعة ، كما كان يعاني من اضطراب في تحديد هويته الجنسية ، خصوصا وانه كان يقيم علاقة عاطفية مع الافريقية روز .


رحلة العذاب نفسيا ،
بدأت الهام رحلة العذاب في البيت الزوجي ، ثم حرمانها من طفلها ( كمال ) فعملت خادمة في البيوت ، من بيت الست ريم الى بيت هند ، الا ان زوجها (ناصر ) حاول التحرش بها والاعتداء عليها ، وعندما صدته اتهمها بالسرقة فكان الشارع مصيرها ، حتى التقت بلال الذي جاء بها لرعاية والدته العجوز الحجة ام بلال ، هنا شعرت بالامان لان العجوز اغدقت عليها الحنية وعاملتها برقة وساعدتها ، فجاءت لها بمحام ليفاوض الزوج بقضيتها ونجحت مفاوضاته ، بعد ان ساوم الاب على مبلغ من المال للتنازل عن حضانة ابنه ، وقررت العودة الى بيروت لتجد والدتها متوفاة ، وهي مسؤولة عن طفل لوحدها ، فطلبت المساعدة من رنا بنت ام بلال ، حيث لبت الاخيرة الطلب بتوظيفها لتعيل نفسها وابنها ، الا ان العوامل النفسية المتراكمة داخلها اثرت عليها بكوابيس مدمرة ، لحين تدخل القدر بوصول ابن عمتها نبيل ووعدها بحياة جديدة .
هذا الملخص السريع يجسد الابعاد النفسية المتشجنة ، التي حبكتها الكاتبة بعناية وحرص شديدين ، لتكون الصورة واضحة عند الكاتب ، بلا مساحيق تخفي جمالياتها .
الامراض التي شددت عليها الكاتب ، بالحقيقة هي ليست امراضا بقدر ما هي آفات نفسية ، نعانيها في تركيبة حياتنا الشرقية ، وبعضها من الموروثات الاجتماعية التراثية ، التي لا نستطيع الخروج منها وتنعكس على سلوكياتنا وشخصياتنا ، ومنها مثلا : الزواج المبكر ، وهنا كانت البطلة الهام نموذجا ، تعاني ماترتب عنه من انفعالات نفسية اولها :
الاستغلال الجسدي والنفسي في العلاقة الزوجية ، مرورا باقامة علاقة حميمة غير سوية ، يسيطر فيها الاكراه والغصب ، فتكون حياة الشريكين مؤلمة ، يؤدي الزواج المبكر ايضا ، لارتفاع بنسبة الجهل والآمية ، ويؤثر سلبا على النمو الجسدي والنفسي ، وهذا ما سعت اليه الكاتبة في احداث روايتها ، كما يحصل خللا في العلاقة العاطفية ،
الانفعالات النفسية في الاحداث بالرواية .


ركزت الكاتبة في احداث روايتها على ان تكون طبيبة نفسية ، تدخل من باب علم السيكولوجيا الى فن الصياغة الادبية ، لهذا السبب جاء اسلوبها الروائي غنيا بالصور والمشهديات المعبرة سيكولوجيا ، كما ضج حوارها بالمشاعر والانفعالات العاطفية الجياشة . ولقد أخذتنا الكاتبة أيضا ، ضمن سياق احداث روايتها الى الحالات الصعبة التي تنتج بظروف روايتها ، مثل : الاكتئاب الشديد ، خصوصا عندما تنجب الام القاصر مولودها الاول ، فيحصل نوعا من التغييرات في هرموناتها العاطفية والجسدية ، وتشعر بانها كبرت قبل اوانها ، كما تعاني من تقلب بالمزاج والقلق والحرمان ، وفي هذة النقطة بالذات برعت الكاتبة بتجسيد الاحاسيس باسلوبها الراقي المعبر ، كما ركزت على حالة بطلتها النفسية ، وما تعانيه من ارتباك في الاكل والنوم ، وعدم التركيز على امومتها بالشكل العلمي الصحيح ، لانهم خطفوا وحيدها منها ، وهذه النقاط السيكولوجية جسدت واقعا ميلودراميا ، على الاحداث واضطرابات في العلاقة الحميمة ، ما بينها وبين زوجها ، كما هزت حالتها النفسية كيانها هزا عنيفا ، لكنها لم تجعلها تتعقد من الرجل ، وهنا برعت الكاتبة بمعالجة انفعالات شخصيات روايتها (سجينة بين قضبان الزمن ) ، معالجة سيكولوجية سريرية متفوقة .

قراءة نفسية وسيكولوجية لرواية سجينة بين قضبان الزمن

Loading