متابعة : ماهر بدر

‎تمكّن ابن عكار البار، النائب في الحزب الليبرالي الكندي فيصل الخوري، من الفوز بولايةٍ رابعة في مجلس العموم الكندي، بعد أن نال ثقة الناخبين مجددًا وتفوق على منافسيه من الأحزاب الفدرالية الأخرى، محققًا رغبة أبناء دائرته الذين قدّروا جهوده وإنجازاته خلال السنوات السابقة.

‎من المعروف أن الفوز المتتالي في البرلمان الكندي ليس بالأمر السهل، ولكن محبة الناخبين ودعمهم حملت الخوري إلى قبة البرلمان للمرة الرابعة، تأكيدًا على مكانته وثقتهم الراسخة به.

‎من بدايات متواضعة إلى نجاح برلماني

‎في العودة إلى البدايات، يبرز طموح شاب لبناني أنهى المرحلة الثانوية وكان حلمه أن يصبح طيّارًا في سلاح الجو، غير أن اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية دفعه مجبرًا إلى الهجرة، ليرسم بعدها قصة نجاح في وطنه الثاني: كندا.

‎وبسبب إقفال السفارة الكندية في بيروت ودمشق آنذاك، اختار التوجه إلى مصر، بحجة حضور الألعاب الأولمبية، برفقة شقيقته. وهناك بدأت رحلته الجديدة. في تلك المرحلة، كان يعيش قصة حب مع جورجيت إلياس، التي أصبحت لاحقًا زوجته ورفيقة دربه، وطبيبة أسنان بارزة. وقد رزقا بثلاث فتيات جميلات في الخلق والخلق.

‎وصية الجد… وبداية الطريق

‎وصل إلى “الشمال الأبيض العظيم”، “أرض ورقة القيقب” كندا حاملاً في جيبه 500 دولار أمريكي فقط، ووصية جدّه، خوري الرعية، الذي قال له:
‎“اعتبر نفسك سفيرًا للبنان، وإذا وُفّقت ووصلت إلى منصب رفيع، لا تردّ أحدًا خائبًا.حاجة الناس اليك من دلائل رضى الله عنك.”
‎وقد حمل هذه الكلمات في قلبه وعقله طوال مسيرته.

‎من المصادفات الجميلة أن يلتقي، في طريقه من حمص إلى مصر، نجل المرحوم صبري حمادة، الذي ساعده في تقديم طلب الفيزا إلى كندا عبر وساطة من السفير أسعد الأسعد، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية آنذاك، وابنه وائل الذي كان يعمل حينها في سفارة ليبيا في مصر. وبهذا الدعم، ومع كتاب توصية، بدأت رحلة التحديات التي لم تخلُ من صعوبات ومخاوف الترحيل، خاصة أن تأشيرته كانت لمدة أسبوعين فقط.

‎عمل الخوري في مطعم بيروتي لتأمين تكاليف دراسته، حيث التحق بجامعة كونكورديا لدراسة الهندسة المدنية، رغم عدم إلمامه الكافي باللغة الإنجليزية في البداية. لكنّه ثابر، وتخرج، وأسس لاحقًا شركته الخاصة في مجال الهندسة، التي تعاملت مع السوق السعودي وأسواق عربية أخرى، ونجح في أن يصبح مستشارًا عالميًا في مجاله.

‎ورغم نجاحه المهني، لم ينسَ تجربته الصعبة مع الهجرة واللجوء، مما دفعه دائمًا لمساندة كل من يواجه خطر الترحيل، لأنه مرّ بنفس المعاناة.

‎السياسة في خدمة الناس

‎يستذكر فيصل الخوري كيف دخل عالم السياسة، وكيف تعلّق الناس بشخصه وبأسلوبه الإنساني. فكل قضية ترحيل ساعد في حلّها كانت بالنسبة له مكافأة معنوية لا تُقدّر بثمن.

‎من القصص التي أثّرت فيه بشدة، كانت عائلة من أصل بنغلادشي صدر بحقها قرار ترحيل مع طفلين. تلقّى طلبهم عبر الخط الساخن في مكتبه، وساهم في إيقاف القرار. تلك العائلة عادت لاحقًا للمشاركة في التصويت له في الانتخابات الاخيرة ، وهو موقف ترك أثرًا كبيرًا في نفسه.

‎رؤية سياسية للمستقبل

‎وعن رأيه بالحكومة الفدرالية الجديدة بقيادة رئيس الوزراء مارك كارني، يقول الخوري:

‎“أنا متفائل، فكارني يملك عقلية اقتصادية فذّة، وهو من أهم الشخصيات العالمية، إذ قاد بنك إنكلترا الدولي وبنك كندا الدولي لسنوات.”

‎ويضيف أن أبرز التحديات التي ستواجه الحكومة الجديدة تشمل:
‎ • الأزمة الاقتصادية،
‎ • أزمة السكن وغلاء المعيشة،
‎ • العلاقات مع الولايات المتحدة،
‎ • الدور الكندي في السياسة الدولية والمساعدات الإنسانية.

‎ويؤكد أن الجهود مستمرة لتأمين مساعدات للبنان، وقد تخطّت حتى الآن 60 مليون دولار كندي.

‎حفل القسم… ومشهد وفاء

‎أقسم النائب فيصل الخوري اليمين لولايته الجديدة، بحضور حشد من أبناء الجاليات العربية والكندية، وزملائه البرلمانيين، من بينهم النائبة الأرمينية Kristine Vardanyan التي حضرت خصيصًا من ارمينيا لتقديم التهنئة.

‎في كلمته بعد القسم، شكر كل من صوّت له، وحتى من لم يصوّت، وخصّ بالشكر زوجته جورجيت على دعمها وتفانيها. وقد تلا حفل القسم مأدبة غداء على شرف الحضور، في أجواء مفعمة بالامتنان والتقدير

النائب فيصل الخوري متمسك بجذوره وثقافته العربية الواسعة وهو متبحر في كتابة القصائد بلغة فصيحة وإتقان لافت وله العديد من القصائد

هنيئًا للحكومة الكندية بوجود النائب فيصل خوري في صفوفها، ذلك الزوج والأب المُحب، البرلماني المتميّز، القريب من نبض الناس، والأديب الذي صاغ الحرف بإنسانيته.

اما رسالة فيصل الخوري في نهاية حديثه كانت واضحة:
“الهجرة ليست نهاية، بل بداية. والنجاح لا يأتي صدفة، بل ثمرة جهد وإيمان بالنفس. لا تنسوا جذوركم، وابقوا أوفياء لمجتمعكم الجديد دون أن تنسوا أوطانكم الأصلية”

Loading