بقلم : أشرف هوازل

الغش الثقافي وباء تعرضت له الأمة الإسلامية قديماً وحديثاً .
ثم يتصدى له الراسخون في العلم فيكسرون شوكته ويكشفون حقيقته .
فإما قـطعــوا دابره ونجــت الأمة منه .
وإما بقيت له ذيول تختفى هنا وهناك ، لتنفث شرها بين أولى الغفلة حتي يتيقظ لها العلماء العدول فيتم القضاء عليها ويستريح المسلمون منها .
وتختلف أنواع الغش باختلاف العصور .
ولكنها تصدر عن علة واحدة ، الذهول عن الكتاب الكريم ، والعجز عن تدبره والإحاطة بأحكامه ودلالاته قديماً
قال ابن عربي : إن فرعـون تاب وقبل الله توبته ، فمات طاهراً وذهب إلى الله مسلماً .
فهل يقول هذا الكلام رجل قرأ قوله تعالى عن فرعــون .
( يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود ). سورة هود – الآية 98
) وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفـد المرفود (). سورة هود – الآية 99
هل يتقدم قومه ليسلمهم إلى مالك خازن النار ,
ثم يعود مـكرماً ليدخل الجنة .
إن مياه البحر الأحمر والأبيض والأسود لن تطهر فرعون أبداً مهما قال :
{ آمنت أنه لا إله إلا الذى آمنت به بنو إسرائيل .. } سورة يونس – الآية 90
وابن عـــربي عــابث كذوب .
ولنترك هذا النموذج القديم للغش العلمي ، ولنضرب مثلاً بغش جديد .
رجل يتزعم حركة إسلامية كثيرة الصياح يقول
إن الإسلام يقوم على الحرب الهجومية ، ويعتمد على التوسع العسكري ، ويجعل السيف أساس علاقاته بالآخرين ، ثم يستدل على رايه الغريب بأن الرسول خرج من المدينة مغيراً على قافلة قريش ، وكان يقيم بها آمناً وما أخرجه إلا التعرض العسكري للعـدو .
وهذا كلام في غاية الغــثاثة والبطلان ، فالمسلمون في المدينة أخرجوا من ديارهم وأموالهم وصودرت عقائدهم وعباداتهم ، واستبيح إخوانهم في الدين وأهدرت حقوقهم .
فكيف يوصف تعرضهم لأعداء الله الذين فعلوا ذلك كله بأنه حرب هجومية .
لم يبق إلا وصفهم بأنهم إرهابيون كما يتهم اليهود الآن العرب .
بعد ما طردوهم من أرضهم .
المصيبـة أن بعض المتحدثين في الإسلام لديهم مقدار هائل من قصر النظر وقلة الوعي .
والأدهى من ذلك أن يتحول هذا الفكر السقيم إلى مبدأ تؤلف فيه كتب وتنبني عليه مواقف .

Loading