كوريا الجنوبية شهدت أكبر أزمة سياسية لم تشهدها منذ عام  1981، لكنها سرعان ما انتهت براجع الرئيس الكوري “يون سوك يول” بإلغاء فرض الأحكام العرفية في البلاد، على خلفية تصدي البرلمان هذا الإجراء الذي أدي الي تصاعد حالة التوتر في البلد يوم أمس الثلاثاء.

وفي السطور التالية نرصد تلك الأحداث:

 الساعة العاشرا و النصف مساءً:

في 3 ديسمبر 2024، أعلن الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول حالة الطوارئ في خطاب غير معلن على المستوى الوطني في الساعة 10:30 مساءً، بتوقيت الدولة الوقعة شرق آسيا، مشيرأً إلى ضرورة حماية البلاد “القوات الشيوعية الكورية الشمالية” و”القوات المناهضة للدولة”، وإعادة بناء وحماية كوريا الجنوبية من السقوط في الخراب.

 

كما قرر سحب قوات قيادة الأحكام العرفية، وعقد اجتماع لمجلس الوزراء في أقرب وقت ممكن.

 

ومنذ انتشار الخبر، قامت سيارات الشرطة بتحصين البوابة الأمامية للجمعية الوطنية، بينما دخل العشرات من الجنود المسلحين إلى المبنى.

 

و دخلت قوات الأحكام العرفية بالقوة المبنى الرئيسي للجمعية الوطنية عن طريق تحطيم النافذة.

 

وكان قائد الأحكام العرفية ورئيس أركان الجيش “بارك آن سو” قد أصدر في وقت سابق “إعلان قيادة الأحكام العرفية “رقم 1” معلنا أن جميع الأنشطة السياسية، بما في ذلك عمليات الجمعية الوطنية والمجالس المحلية والأحزاب السياسية والجمعيات السياسية، التجمعات والاحتجاجات محظورة.

 

الساعة الواحدة صباحا:

 

أصدرت الجمعية الوطنية “البرلمان” قرارًا يطالب برفع الأحكام العرفية، بحضور 190 عضو من أصل 300 صوتوا جميعهم لصالح إلغاء الأحكام العرفية، في تمام الساعة 1:00 صباحًا يوم الأربعاء بتوقيت البلاد.

 

وبموجب المادة 77 من الدستور الكوري الجنوبي، عندما تطلب الجمعية الوطنية، بموافقة أغلبية أعضائها، رفع الأحكام العرفية، يتعين على الرئيس الامتثال.

 

دقائق قليلة:

 

بعد 12 دقيقة من إصدار القرار، انسحب الجنود بالقرب من البوابة الثالثة للجمعية الوطنية، وتجمع ما يقرب من 2000 مواطن أمام البوابة الرئيسية وهم يهتفون “تحيا جمهورية كوريا”.

 

وبحسب ما ذكرت وكالة يونهاب للأنباء، رفض مجلس الوزراء الكوري الجنوبي في وقت مبكر من يوم الأربعاء الأحكام العرفية.

 

رد فعل الرئيس الكوري:

 

قال رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول اليوم الأربعاء إنه سيرفع إعلان الأحكام العرفية المفاجئ الذي فرضه قبل ساعات قليلة متراجعا عن مواجهة مع البرلمان الذي رفض بشدة محاولته حظر النشاط السياسي وفرض رقابة على وسائل الإعلام، وذلك قبل الساعة الخامسة صباحًا.

 

موقف القوات المعارضة من الرئيس:

دعت المعارضة في البلاد الرئيس الكوري لتفسير الخطوة التي أدت لأضطرابات في البلاد، ودعا الحزب “الديمقراطي” المعارض الرئيسي لـ “يون”، الذي يتولى منصبه منذ عام 2022، إلى الاستقالة أو مواجهة المساءلة.

 

وقال “بارك تشان داي”، عضو البرلمان البارز عن الحزب الديمقراطي، في بيان: “حتى لو تم رفع الأحكام العرفية، فلا يمكنه تجنب اتهامات الخيانة، لقد تم الكشف بوضوح للأمة بأكملها أن الرئيس يون لم يعد قادرًا على إدارة البلاد بشكل طبيعي”، مضيفًا: “يجب أن يتنحى“.

 

الصدام بين البرلمان و الرئيس … 22 محاولة عزل

 

منذ تولي يون المنصب في مايو 2022، حدثت 22 محاولة لعزلة في البرلمان، فالصدام بينهم ليس جديد.

 

وفي الأسبوع الماضي، خفضت الجمعية الوطنية بقيادة المعارضة ميزانية الحكومة للعام المقبل وبدأت إجراءات لعزل رئيس هيئة التدقيق الحكومية والمدعي العام الكوري الجنوبي، الأمر الذي أدى لتصعيد جديد بين الرئيس والبرلمان، ولذلك قام الرئيس بإعلان الأحكام العرفية.

 

 

خالفات عديدة مع الرئيس يون:

 

قام الرئيس يوم بالعديد من المنازعات بصفته المدعي العام سابقاً، مما أدي الي إدانة وسجن زعيمة سابقة لحزبه، بارك كون هيه، بعد عزلها كرئيسة كما تخصص في قضايا الفساد، ولاحق أيضًا رئيسًا سابقًا آخر ورئيس شركة سامسونج.

 

أثناء ترشحه لمنصب، انتقد يون بشدة رئيسه السابق، الرئيس التقدمي مون جاي إن، لاجتماعه مع زعيم كوريا الشمالية، كيم جونج أون، ودعا إلى تكثيف التدريبات العسكرية والتطبيق الصارم للعقوبات على الشمال.

 

قال يون خلال الحملة: “السلام لا معنى له ما لم يكن مدعومًا بالقوة”، مضيفاً “لا يمكن تجنب الحرب إلا عندما نكتسب القدرة على شن ضربات استباقية ونظهر استعدادنا لاستخدامها”.

 

وبحسب ما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، نال يون هذا النهج «استحسانه في واشنطن، حيث كانت إدارة بايدن سعيدة بتحالفها مع الكوريين الجنوبيين بشكل أوثق مع المواقف الأمريكية كحصن ضد الصين. لكن هذا لم يفعل الكثير له في الداخل، حيث كان محاصرا في حرب دائمة مع المعارضة حتى مع تصاعد التحديات المحلية التي يواجهها”، وتصور البلاد التي تمارس نفوذها كحليف رئيسي للولايات المتحدة في آسيا.

 

موقف واشنطن من تلك الأحداث :

وفي ذلك الصدد أكدت وزارة الخارجية الأمريكية عدم وجود أي تغيير لمستوى الجاهزية للقوات المسلحة الأمريكية على خلفية الأحداث في الشطر الجنبي للجزيرة الكورية، حيث تم إعلان حالة الطوارئ والأحكام العرفية.

 

وقال نائب المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأمريكية “فيدانت باتيل” خلال مؤتمر صحفي، يوم الثلاثاء: “لا يوجد أي تغيير لجاهزيتنا القتالية”.

 

ويأتي ذلك بعد أن أعلن الرئيس الكوري يون سوك يول فرض الأحكام العرفية في البلاد “لحماية النظام الدستوري”، متهما المعارضة بأنها تعتزم إقصاء عدد من المسؤولين وعزل الرئيس، متهما المعارضة بأنها “قوى مناهضة للدولة”.

 

هل إعلان الأحكام العرفية يتم في كوريا الجنوبية لأول مرة؟

 

لا ولكن… هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها إعلان الأحكام العرفية منذ عام 1980 عندما نفذ “تشون دو هوان” انقلابًا عسكريًا بعد اغتيال الرئيس “بارك تشونج” هي في عام 1979.

 

 

تاريخ الدولة الجنوبية في الجزيرة الكورية مع الأحكام العرفية:

 

اعتاد تاريخ تلك البلاد علي الأحكام العرفية منذ القدم ، فشهدت مدينة سيول 16 إعلانًا للأحكام العرفية منذ تأسيس كوريا الجنوبية في عام 1948.

 

وبموجب المادة 77 من الدستور الكوريا الجنوبي، يجوز للرئيس إعلان الأحكام العرفية ردًا على الحرب أو الحوادث أو حالات الطوارئ الوطنية.

 

من خلال إعلان حالة الطوارئ، يستطيع الرئيس تقييد حرية التعبير والنشر و الإعلام والتجمع وتكوين الجمعيات وتنفيذ تغييرات خاصة في سلطة الحكومات أو المحاكم ونظام أوامر التفتيش وفقًا لأحكام القوانين ذات الصلة.

 

Loading

By عبد الرحمن شاهين

مدير الموقع الإلكتروني لجريدة الأوسط العالمية نيوز مقدم برنامج اِلإشارة خضراء على راديو عبش حياتك المنسق الإعلامي للتعليم الفني