الذي يسامح بلا حدود إن رحل لن يعود


كتب : د فوزي الحبال

قال تعالى: ﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا )وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس المؤمن بالطعّان ولا اللعّان ولا الفاحش ولا البذيء) .

المشاعر هي الأحاسيس التي يحسها الإنسان تجاه الآخرين، خلق الله لنا المشاعر لكي تكون مرجعنا، للاختلاط بمن حولنا،فالمشاعر دائما ما تعطيك معلومات دقيقة، عن علاقتك بصديق ما،أو شريك حياتك، أو حتى جيرانك لا تلعب أبدا بمشاعر الآخرين ، فقد تفوز باللعبة ولكنك تخاطر بفقدان من حولك مدى الحياة.
الآن بات الناس كأنهم لا يفكرون قبل أن يتلفظوا بأي كلمة، يتصورون أنها ستمر، ولا يعلمون أن أحدهم قد يتأثر ويقف أمامها عمرًا مديدًا .

الحب ليس معصيه المعصيه هي أن تتلاعب بمشاعر البعض تحت مسمى الحب .
تذكر أن المسلم إنسان حساس يراعي مشاعر وأحاسيس جميع الناس, فهو يتمتع بدرجة عالية من الإحساس والتأثر وهو صاحب قلب حي نابض، وينعكس ذلك كله على سلوكه وتصرفاته.

نحافظ على مشاعر الاخرين بإختيار الألفاظ وانتقاء الكلام، فالكلام الطيب الحسن، لا يخفى على أحد مدى تأثيره على مشاعر الآخرين، حيث يزيد الحب والود بين الناس، الأسلوب دائمًا ما يجعلنا نكمل الحديث مع أحدهم أو نتجنبه تمامًا.

من المؤلم انك تقوم بجرح مشاعر شخص ما في حياتك ،عن طريق ايذائه بالكلمات الجارحة وتكون دائم النقد اللاذع له ،وأنت تعلم جيدا أنه لن يستطيع أن يفعل لك شيء ،أو يغير مما هو فيه فهو أمر ليس بيديه وتكون أنت بكل جبروت مصر ،على جرحه أمام الأخرين،
قد يصدر منا كلمات أو أفعال جارحة، دون قصد تجاه بعض الأشخاص الذين لا تعرفهم جيدا،ولكن واجب علينا إذا أدركنا ذلك ،وتم لفت انتباهنا له ،أن نقدم الإعتذار ،حتى نكف عن ما فعلناه تجاههم، ونحرص على عدم تكرارها .

هناك رسالة غير مرئية تصل إلى الشخص المستهان بمشاعره، تجعله يشعر بأنه ليس مهما، ولا يستحق الاحترام، وأن خبرته الذاتية والانفعالية، لا قيمة لها، و وصوله إلى مثل هذا الشعور قد يتسبب حتما في إدانته لنفسه ولإحساسه بالذنب ،لذا فإنه يجد أن عليه أن يكون أكثر قوة ومنطقا في تصرفاته وأفكاره لدرجة أنه قد يعتقد أنه شخص ضعيف ليس له اعتبار، الأمر الذي يدفعه إلى التخلي عن مشاعره وكبتها.
لذا عليك أن تعرف جيدا أهمية أن لا تقوم بجرح مشاعر غيرك فقد تتسب بجرح لا تستطيع مداواته مهما مرت الايام وليس ذلك فقط فقد تتحمل ذنب ما قمت بفعله تجاه غيرك .

يمكنك تقديم النقد لغيرك ولكن دون جرح مشاعره،و يمكنك توجيه وتقديم النصيحة له دون أن تنفره من فعلها،تأكد أنه يمكنك أن توصل له ما تريده دون أن تجرح مشاعره بأقوالك، بل تجعله يحبك أكثر عن طريق النصح و اختيارك الكلمات المناسبة له و أن تعمل علي مراعاة مشاعره و أن لا تقوم بأذيته حيث أن الكلام الفظ قد يتسبب في جرح .
أن الاستخفاف بالمشاعر هو تقليل من قدر الآخر وفكره وإحساسه، ويلجأ إليه البعض بقصد المساعدة والتخفيف عن الشخص حتى وإن كانت الطريقة تتعارض مع نيتهم الجيدة، لأنهم في الغالب غير مدركين للأثر النفسي الذي يتركه الاستخفاف لدى الآخر ويكون ذلك إما لفظيا أو غير لفظي .
لهذا السبب لا بد لنا جميعا من انتقاء كلماتنا والانتباه إلى تصرفاتنا لأنها غالبا قد تكون مؤذية تكسر الآخر معنويا، وتحبطه وتهز ثقته بنفسه.

ﻻ تؤذي أحد وﻻ تجرح أحد،راعي مشاعر الآخرين مهما كانت منزلتهم، لأنه واجب إنساني وسلوكي وأخلاقي.
لا تجرح أو تحرج أحد مهما كانت المبررات،كم من كلمة بنت نفساً وأنبتت فكراً، وكم من كلمة قتلت إحساساً ودمّرت شعوراً ولا تستهين بأثر الكلمة التي تقولها.
لا تجرح احد بكلامك،عندما تحدث بينك وبين الآخرين مشادة أو اختلاف وتخرج منك بعض الكلمات السيئة فأنت تتركهم بجرح في أعماقهم كتلك الثقوب التي لا تراها.
اسأل الآخرين اطرح أسئلة عليهم فيما يتعلق بوجهات نظرهم حول أمور معينة، واجعل أسئلتك مفتوحة، بحيث يمكنهم التحدّث عن وجهات نظرهم .

احرص دوماً على أن تشكر أولئك الذين قدموا لك يد العون.

لذي يسامح بلا حدود إن رحل لن يعود

Loading