موسم الحج هذا العام يتصدر وكالات الأنباء والمواقع البحثية، ولا شيء يشغل بال الجميع سوى ما حدث هذا العام على الأراضي السعودية، بعدما شهدت أعدادًا قياسية للحجاج المفقودين والمتوفين في الأراضي المقدسة، لم تحدث من قبل.

الحج غير النظامي

البعض يرى أن الموت هناك هو حسن الخاتمة بعينه، فيما يصرخ آخرون بمصطلح “الحج غير النظامي هو السبب”، والذي على الرغم من عدم حداثته إلا أنه لفت أنظار الجميع هذا العام، لما له من كوارث راح ضحيتها المئات من مختلف الجنسيات أغلبهم مصريين، والكثير من شهود العيان تحدثوا عن مساوئ الحج غير النظامي، وهو ما يثير تساؤل مفاده لماذا أصاب الإجهاد الحراري الحجاج غير النظاميين فقط؟.

إصابة حاج بإجهاد حراري

رصد بعض الشهود، ما يواجهه الحجاج غير النظاميين من متاعب لا تحتمل في الأراضي المقدسة خلال أداء فريضة الحج، وأول تحدي لهم هو الصبر والمقدرة على التحمل تحت درجة حرارة تتخطى الـ 50 درجة مئوية دون خيمة أو مأكل أو مشرب أو حتى وسائل مواصلات.

ارتفاع وفيات الحج

وفي نقاط مختصرة، لخّص الدكتور أحمد الشاعر والذي يؤدي فريضة الحج، الفرق بين الحجاج النظاميين وغير النظاميين، مشيرًا في البداية إلى أن الله فرض الحج على كل مسلم عاقل بالغ لكنه قال (لمن استطاع إليه سبيلًا)، أي لمن هو يقدر عليه ماديًا وبدنيًا.

إصابة حاج بإجهاد حراري

درجة حرارة قاتلة

وكتب أن المسافة بين مكة وعرفات تتراوح بين 20 لـ 30 كم، وهنا الحج النظامي لديه وسيلة نقل متوفرة بشركة السياحة المسؤولة عن الحجاج، أما الحج غير النظامي ليس له أي وسائل نقل ويتنقل الحاج سيرًا على الأقدام عشرات الكيلومترات تحت درجة حرارة قاتلة.

النقطة الثانية هي دخول الحجاج إلى عرفات سواء النظاميين أو غير النظاميين، ولكن بعد الدخول يجد الحاج النظامي خيمة مكيفة متوفر بها جميع سبل الراحة، بالإضافة إلى طبيب لديه بيانات الحاج ورقم للطوارئ خاص، أما الحاج غير النظامي فلا يوجد له مكان حتى يستريح فيه بعد مشقة المشي في موجة الحر الشديدة كما أن الأكل “على حسب الظروف” وإن توافر فهو عبارة عن “باتيه وعصير” توزّعهم سيارات عليها سيل من الزحام.

إصابة حاج بإجهاد حراري

لا طعام ولا شراب

بعد مشقة المرور من عرفات، يأتي دور الانتقال إلى المزدلفة، فالحاج النظامي يستقل مواصلته وينتقل إلى هناك ويتوفر له مكان للمبيت وعشاء وشحن للهاتف، أما غير النظامي فيضطر أن ينتقل للمزدلفة سيرًا وهي تقريبًا مسافة 11 كم، ولا يوجد في طريقه سوى المياه إن استطاع أن يصل إليها وسط الزحام، ولا يوجد أي أطعمة، بالإضافة إلى أن الهواتف ستبدأ في فقدان بطارياتها ولا يستطع الحاج التواصل مع أهله، وهنا يبدأ الدخول ضمن عداد المفقودين.

بعد صلاة الفجر في مزدلفة يبدأ الحجاج في الانتقال إلى منى لرمي جمرة العقبة، وهي مسافة تقدر حوالي 7 كم، فإذا كان الحاج “رسمي” يكون لديه قطار المشاعر و”أتوبيس” الحملة، فيما لو كان “غير رسمي” فأيضًا لا يوجد أمامه حل سوى السير على الأقدام.

إصابة حاج بإجهاد حراري

بعد الانتهاء من طواف الإفاضة يكون لا يزال هناك 3 أيام تشريق، والحج النظامي يوفر لصاحبه مبيت في منى أو يعود من خلال المواصلات الموفرة له إلى سكنه ثم يعود لرمي الجمرات، أما الحج غير النظامي على الأغلب يبيتون في منى وهو ما يعرض صاحبه للتعب الجسماني الشديد.

النوم في الشارع

يقول الشاعر: “الناس ميتة في الشوارع في عز الحر.. الناس نايمة في الشوارع مش لاقية تاكل الناس تايهة ومن كتر اللف وقعت في الأرض اللي ناسي علاجه ومش عارف يروح اللي مش معاه فلوس ولا تليفون ولا أي شئ يثبت هويته ولا حتى رقم لأهله في بلده واللي مات.. وهناك من في المستشفيات ولم يدفن حتى الآن.

الدكتور حسام الديب استشاري الأمراض الروماتيزمية، الذي يؤدي هو الآخر فريضة الحج، كشف عنسبب إصابة الحجاج غير النظاميين بالإجهاد الحراري، موضحًا أن هناك فرقًا كبيرًا بين الحج الرسمي وغير الرسمي، أبرزه هو تكريم الشخص الأول في خيمة مكيفة متوفر بها الطعام والشراب.

إصابة حاج بإجهاد حراري

وأضاف الديب، أن الحج غير النظامي، لا يتوافر له أتوبيس وخيمة وطعام وشراب، قائلًا: “مفيش معاك أتوبيس ولا خيمة مكيفة ولا أكل ولا شرب كفاية، والحركة في مسافات طويلة تحت درجة حرارة لا يتحمل شخص الوقوف بها أكثر من 15 دقيقة.

Loading

By عبد الرحمن شاهين

مدير الموقع الإلكتروني لجريدة الأوسط العالمية نيوز مقدم برنامج اِلإشارة خضراء على راديو عبش حياتك المنسق الإعلامي للتعليم الفني