لماذ نشعر بالاحباط والفشل أحيانا ؟
بقلمي جمال القاضي
يمتلك كل إنسان شخصية ، هي ناتج من التداخل والإندماج لكل من الحالة الجسدية والحالة النفسية ، لكن لماذا نشعر في كثير من الأحيان بنوع من الإحباط والفشل وكره التواجد بين البشر أو الإختلاط بهم أوالتعامل معهم ، مما يجعلنا في النهاية نعيش راغبين في العيش بعيدا عنهم وفي وحدة قاتلة ؟
كل منا يمتلك جسدا يشعر وعين ترصد وقلبا يحب ويكره وعقلا يفكر ، وكل منهم له دور في تكوين شخصيتنا ، فالعين تلتقط الصور التي تشاهدها وترسلها للمخ وتجعله يبدأ التفكير مستخدما أسلوبه في المقارنة دائما فيما قد وصل إليه غيره وفيما تكون عليه حالته ، والقلب أحيانا قد يرضى ويرتاح لما هو عليه من هذا الحال أو يسخط ويغضب ولايرضى ، لكن الأسوأ هو دخول الإنسان في مقارنة تأتي مصاحبة غالبا مع الفراغ وعدم وجود مايشغل الإنسان في معظم الوقت ، يقارن فيها حالته المادية في بعض الأحيان ، أو يقارن محبة الناس لغيره بمدى محبتهم له ، وقد المقارنة بمقارنة جسده ومدى ضعفه بقوة أجساد غيره .
يرى نفسه في دائرة لايستطيع أن يخرج منها ، لتطل عليه رواسب من الماضي وطفولته المقهورة وقتها ، يستحضر عقاب الأهل وتعذيبهم له في طفولته ، يغلب على تفكيره بأنه شخص لم يكن مميزا لديهم بالمقارنه لمحبتهم لغيره من أشقائه ، فيرتفع رصيد كره لنفسه منسحبا على غيره ذاك الكره بالتدريج .
هنا يبدأ في الإبتعاد عن المحيط الذي يتواجد فيه من هم مميزين عنه بالنجاح لأنه يشعر بفشله بالمقارنة ، متهما نفسه وجسده الضعيف بأنهما السبب فيما وصل إليه من فشل ، فيكره جسده هو الآخر ، ويعيش أسوأ اللحظات التي لايرغب فيها بالمواجهة وكأنه يعشق الإبتعاد والوحدة ظنا بأنها خير من التواجد في جمع من البشر ، يزداد تركيزه وإهتمامه على كل تفاصيل جسده ، وكأنه قد تراكمت بداخله الوساوس النفسية ، مما يوحي لنفسه بأنه أوشك على الموت وأنه لاجدوى من تواجده في هذه الحياة .
لاسبيل من الخروج سوى البحث عمن يساعدنا ، أو أننا نبحث عن وسيلة تشغنا وتجعلنا نقضي طوال اليوم في عمل ينهك الجسد لننام في ليلة دون تفكير ، لاسبيل للخروج سوى أن نكف عن المقارنات بيننا وبين غيرنا ، لاسبيل للخروج من تلك الحالة النفسية الصعبة إلا نقنع أنفسنا بإن هناك الكثير من فروق بيننا وبين غيرنا في كل شيء ، وإن هناك صفة تميزهم وتغلب على شخصيتهم وكذلك صفة تميزنا عنهم وتنقصهم ، لاسبيل للخروج سوى أن نثق في أنفسنا وأن نعلم أنها ليست هي الوحيدة مذنبة فيما نحن فيه ، بل سلبيتنا في أن نحاول أن نضع أيدينا على عيوبنا ومشاكلنا الشخصية ، وأن نعلم جيدا بأننا مازلنا قادرون على المواجهة وعدم الاستسلام ، وقادرين أيضا على نتغير وذلك بإستغلال مواهب نمتلكها دون غيرنا و أن نثتثمرها في أن نخرج كل مافينا من فنون وإبداع ، فلو كان ثقتنا بالنجاح في أحد الجوانب الشخصية لكانت بداية ثقتنا بأنفسنا .
لماذ نشعر بالاحباط والفشل أحيانا ؟