بقلم/د. ريتا عيسى الأيوب
متابعة/لطيفة القاضي

لَنْ أَكْتُبَ عَنْكَ بَعْدَ اليوم… فَقَدْ كُنْتَ أنتَ مِحْوَرَ حياتي…لا بَلْ كُنْتَ كُلَّ حياتي…
لَنْ أَكْتُبَ عَنْكَ… إِذْ أَنَّكَ قَدْ بَعُدْتَ… بُعْدَ السّماءِ… لا بَلْ بُعْدَ الكواكبِ جميعِها عن الأرض…
لَنْ أَنتظرَكَ كَيْ تَسأَلَ عنّي… فَإِنَّني الإنتظارَ وما يرافقَهُ مِنْ أَوجاعِ القلبِ… أَيضاً قَدْ مَلَلْتْ…
طَلَبْتَ مِنّي أَنْ أَتَحلّى الصبرَ حينَها… فَصَبَرتْ… صَبَرْتُ إلى أَنْ أَدْرَكْتُ أنا… بِأَنَّني حينها قَدْ أَخطأتْ…
أَخْطأْتُ في تَقْديري لَكَ… لا بَلْ في تَقْديسِكَ… فالتقديسُ لِغَيْرِ الإلهِ… هو ما أنا الآنَ قَدْ تَجَنَّبت…
تَجَنَّبْتُكَ أَنْتَ… بعدما تَأَلَّمتُ أنا كَثيراً… إلى أَنَّني وأَخيراً قَدْ تَعَلَّمتْ…
تَعَلَّمْتُ بِأَنَّ الحياةَ… لا تَقِفُ عِنْدَ إِنْسانٍ… مهما بَلَغَ حُبُّنا لَهُ… فَأَنتَ حُبّيَ ما قَدَّرْتْ…
فَبِتَّ تتلاعبُ في مشاعري… وأحاسيسي… التّي أَنْتَ ومنذُ البدايةِ… حَجْمَها ما أَدْرَكْتْ…
فَكَيْفَ بِكَ أَنْتَ… أَنْ تُدْرِكَ شيئاً… قَدْ افتقدتَهُ… طوالَ حياتِكَ… إلى أَنْ تَعَثَّرْتْ…
تَعَثَّرْتَ… ظانّاً بِأَنَّكَ… سوفَ تَنْهَضُ يَوْماً… على أَكتافي أَنا… أنا التّي بِكَ وَحْدَكَ كُنْتُ قَدْ تَعَلَّقتْ…
تَعَلُّقاً قَدْ بِتُّ أَنا رافِضَةً لَهُ بَتاتاً… فلولاكَ أَنْتَ الذّي قَدْ لَقَّنني الدرسَ… لما اكتفيتْ…
فالإكتفاءُ عِنْدَكَ… قَدْ باتَ حَتْميّاً… كَيْ لا أَهلَكَ بَعْدَها… إذا ما أنا بِقُرْبِكَ بَقَيْتْ…
مَلْعونٌ قلبي… إذا ما عادَ وَحَنَّ لَكَ… أَوْ اشتاقَ لِقُرْبِكَ… حتّى وَإِنْ عُدْتَ وأَصَرَّيتْ…
فَعَوَضي عِنْدَ اللهِ العَلِيِّ القديرِ… والذّي بِهِ أنا استجَرْتُ… شاكِيَةً لَهُ ظُلْمَكَ… إلى أَنْ اهتديت…
هداني إلى طريقٍ… قَدْ تكونُ نجاتي بِهِ مِنْكَ… حتّى لَوْ عُدْتُ أنا مِنْ جديدٍ وتَعَثَّرت…
فالتَعَثُّرُ لا بُدَّ مِنْهُ في هَذِهِ الحياةِ… فَما نَحْنُ إلاَّ بِبَشَرٍ… إذا ما أَنْتَ أَدْرَكْتْ…
قَدْ أَدْرَكْتُ أَنا ذَلِكَ… وقَبْلَ فَواتِ الأَوانِ… كَيْ أَحمي نفسي مِنْكَ… فَهَلْ أَنْتَ الآنَ أيضاً قد أَدْرَكْتْ…
بِأنَّني ذاهِبَةٌ… لا محالةَ… إلى قَدَرٍ جديدٍ… حتّى لَوْ كانَ حَتْفِيَ بِهِ… فَأنا مَعَكَ قَدْ اختَنَقْت…

Loading