لاشك أنه ينبغي على الأزواج معرفة متى تكون الحياة الزوجية مستحيلة ؟، لتجنّب كل ما من شأنه أن يحول الحياة الزوجية جحيمًا بدلاً من أن تكون متاعًا ونعيمًا، فهي مسألة تهم الجميع، خاصة أن الزواج من الأرزاق التي ينعم بها الكثيرون سواء مبكرًا أو في وقت متأخر، ومن ثم ينبغي معرفة متى تكون الحياة الزوجية مستحيلة؟.
قال الدكتور مصطفى عبد السلام، إمام وخطيب مسجد الإمام الحسين، إن الغيرة هي من طبيعة الإنسان، وهي ليست قاصرة على الرجال أو النساء فقط، بل تشمل كلا الجنسين.
وأوضح “عبد السلام” في إجابته عن سؤال: متى تكون الحياة الزوجية مستحيلة؟، أن الغيرة قد تكون أكثر شيوعاً بين النساء، مهما بلغت المرأة من علم ودين وتقوى، منوهًا بأن الغيرة ليست في حد ذاتها مشكلة إذا كانت ضمن حدود المعقول.
ونبّه إلى أن الغيرة المفرطة، التي تتجلى في مراقبة الزوجة لتفاصيل حياة زوجها بشكل مبالغ فيه، مثل تتبع تحركاته واتصالاته، يمكن أن تحول الحياة الزوجية إلى جحيم، مشيرًا إلى أن الغيرة المحمودة يجب أن تبقى ضمن إطار الاحترام المتبادل.
وتابع: وألا تتجاوز حدها حتى لا تتحول إلى شك وقلق مفرط، فالشك لا يعتبر جزءًا من الغيرة الصحيحة، فالغيرة الطبيعية يجب أن تكون مبنية على الثقة والحب، بينما الشك يدخل في نطاق غير مرغوب فيه ويؤدي إلى مشاكل أكبر.
وأفاد بأن الغيرة الممدوحة هي التي تعزز العلاقة دون أن تتسبب في الإضرار بها، لافتًا إلى أنه فيما يخص علامات غيرة الرجل، قال إنها تتضمن حرصه على أن تخرج زوجته بزي شرعي وتجنب تعرضها لنظرات غير لائقة.
وأضاف أنه كذلك يجب أن يكون لديه دور في إدارة الأمور المتعلقة بالبيت، مؤكدا أن الإهمال في هذا الجانب قد يعكس نوعاً من “الديوثة”، الذي حرمه الإسلام، حيث يُفترض أن يظهر الزوج غيرته وحمايته لأسرته.
حياة زوجية سعيدة
وكان الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، قد بين أن الحياة الزوجية السعيدة قائمة على المعنويات وليس الماديات ، مشيرًا إلى أنه لكى يعيش الحياة سعيدة، هناك نوعين من التأسيس: التأسيس المادي والتأسيس المعنوي، أو التأهيل المعنوي.
وأشار “ عثمان ” في إجابته عن سؤال : كيف تعيش حياة زوجية سعيدة ؟، إلى أن التأسيس المعنوي والتأهيل المعنوي قد يكونان أهم من التأسيس المادي، فيما نولي اهتماماً كبيراً للتأسيس المادي، ونحرص على توفير كل ما يلزم من متطلبات مادية.
واستطرد: لكننا في الغالب نغفل الجانب المعنوي، كيف أؤسس معنوياتي وأؤهل نفسي للعيش مع شريك الحياة دون أن أظلمه أو أبخس حقه؟ كيف أعمل على سعادته وصيانته؟ يجب أن نعيش تحت قوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}.
ونوه بأن التأسيس المادي سهل، ويمكن تحقيقه من خلال المال، لكن التأسيس المعنوي والتأهيل العاطفي مهمان جداً، منوهًا بأن الناس يعكفون على تجهيز الماديات، لكن عندما تنقضي فترة من الزمن، نجد أن الحياة بدأت تتفكك لأنهم لم يهتموا بالتأسيس المعنوي.
وأكد على ضرورة الاهتمام بالدورات التدريبية للمقبلين على الزواج، موضحاً أنه في دار الإفتاء تُنظم دورات للمقبلين على الزواج، إما عبر الإنترنت أو بالحضور إلى دار الإفتاء، وهذه الدورات يمكن أن تُعقد أيضاً في المساجد أو الأندية أو أي أماكن أخرى.
ولفت إلى أنها تهدف إلى تعليم الشباب والفتيات كيفية العيش معاً بسلام دون مشاحنات أو خصام، لافتًا إلى أن الحياة الآن مليئة بالماديات، ويبدو أن التركيز على الماديات أدى إلى تراجع الروحانيات والعواطف.
وواصل : عندما نرى قديماً، رغم بساطة الحياة، كان الناس يعيشون بسعادة كبيرة، عندما نقلل من التركيز على الماديات، نجد أن الروح تتسع لاستقبال الآخرين، معربًا عن انزعاجه من بعض الحالات التي تتسم بالتركيز على المصالح المادية فقط.
وأفاد بأنه عندما يقال إن الحياة مع الزوجة قائمة على المصلحة فقط، فهذا يعكس مشكلة وجريمة كبيرة.. الحياة ليست قائمة على المصلحة فقط، بل على التفاهم والتعاون، مشيرًا إلى ما جاء في القرآن الكريم: {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ}.
وذكر أن الإمام الفخر الرازي تحدث طويلاً عن هذا المعنى، وقال إن الرجل إذا عانق امرأته كأنه ثوب يغطيها، وإذا حدثت خلافات بينهما، فإن الرجل يكون بمثابة الفراش الذي يغطي ولا يكشف، كل واحد منهما لباس للآخر، ساتر وواقٍ.