الشيماء أحمد فاروق
نشر في: الأحد 24 ديسمبر 2023 – 10:46 ص | آخر تحديث: الأحد 24 ديسمبر 2023 – 10:47 ص

أقيم مهرجان القاهرة للفيلم القصير، خلال الفترة من 19 وحتى 22 ديسمر، وعرض عبر شاشته عددا من الأفلام القصيرة متنوعة الجنسيات، واختلفت ردود الفعل بين الجمهور حول الأفلام المعروضة، ولكن بعض الأفلام أحدثت جدلاً في قاعة العرض، وفتحت النقاش حول النساء في المجتمع المصري، ومقاييس الجمال، وتغير قررات النساء عبر الزمن تجاه أجسادهن، وكان فيلم “مش منكوشة” أحد تلك الأفلام.

فيلم “مش منكوشة” هو فيلم تسجيلي قصير، من إنتاج شركة womena لإنتاج المحتوى النسوي، من إخراج أميرة صلاح أحمد، وهي الشخصية الرئيسية في العمل ووالدتها سامية شلبي، ويضم أيضاً الممثلة إنجي أبوزيد، وسارة صفوت مالكة the curly studio، ودعاء جاويش مالكة hair addict، وجميعهن وجدن في هذا السياق، للحديث عن علاقة الشعر بذواتهن والمجتمع، وكيف يلعب الشعر دورا في تحديد صورة النساء داخل المجتمع، وعلاقة الفتيات بأمهاتهن، ويستكشف حركة الشعر الطبيعي ومدى تقبل النساء لأشكالهن دون صور نمطية فرضت عليهن بسبب سياقات مختلفة عبر عقود.

– كيف تُروى الحكاية

يمكن رؤية الفيلم كجزأين، الأول يجمع أميرة ووالدتها، والذي يتضمن حوارا مفتوحاً بين جيلين مختلفين، يحاول كل طرف طرح رؤيته حول صورة المرأة من خلال شعرها، ونتعرف فيه على عالم سامية الأم التي اعتادت الذهاب “للكوافير” أسبوعيا منذ سن صغير، كما رأت والدتها تفعل، وأصبح ذلك طقساً متكرراً، دائماً تحب رؤية شعرها في أفضل هيئة له، وحاولت فعل ذلك مع ابنتها أيضاً منذ سن السابعة، ولكن أميرة مع الوقت حاولت التمرد على هذا الوضع خلال مرحلة العشرينات.

والجزء الثاني تظهر فيه شخصيات أخرى، يتحدثن عن طبيعة الشعر، وفكرة التحرر من الصورة النمطية للشعر “المفرود”، وأنه المقياس الوحيد للجمال وما دونه يعد شكلاً غير مفضلاً، ويتم السخرية منه، أو في سياق العمل لا يتم الترحيب به كشكل طبيعي للفتاة أو المرأة.

 

– الحوار مع جيل مختلف

في حوار أُجري على هامش عروض المهرجان، تحدثت أميرة صلاح أحمد عن فكرة الحوار بين الأجيال، كفكرة أساسية يركز عليها الفيلم، وقالت لـ”الشروق”: “الفيلم ظاهريا عن الشعر، وهو أمر مهم بلا شك وليس أمراً تافهاً، ولكن على المستوى الثاني للمتلقي، أو على مستوى أكثر عمقاً، هو يتناول مواضيع أخرى مثل التنمر، وعن حرية اختيارتنا في الحياة، مدى قبولنا لذواتنا، عدم استخدام أشياء مضرة لذاتنا لإرضاء الصورة النمطية التي خلقها المجتمع، ويتناول أيضاً فكرة الحوار بين الأجيال وليس الصراع بينهم”.

وأوضحت، “من خلال الحوار بيني وبين والدتي، أحاول طرح رؤية لكيفية خلق حوار مع الأهل، ومساحة لفهم بعضنا البعض، لماذا كانت تربيتهم بهذا الشكل، لماذا اختاروا لنا هذه الاختيارات، وهكذا، مهم طرح الأسئلة وفتح النقاش، لكي نتعلم منهم ونتعرف عليهم كأشخاص مستقلين عنا وليس داخل أدوارهم الاجتماعية كأب وأم، نتعرف على خبراتهم في الحياة وتجاربهم، وهذه المساحة هي التي سوف تجعلنا نتقبل كثير من الأشياء التي فعلوها معنا أو نتسامح مع أفعال اعتقدنا أنهم انتقصوا من حقوقنا أو تسببت لنا في أذى ما، لذلك المساحة مهمة جداً، وكنت أحاول تشجيع الناس من خلال الفيلم لفتح حوار مع أهلهم عن أشياء مختلفة في الحياة”.

وأكدت أن “الحديث مع الأهل من أهم الأفعال التي يجب أن نقوم بها عندما نصبح ناضجين، من المهم التعرف عليهم أكثر لنفهم دوافعهم وراء كثير من التصرفات والقرارات” .

 

– النساء لديها قضايا كثيرة ولكن الشعر رمز لقضايا أخرى

ترى أميرة أن الفيلم لا يتحدث فقط عن الشعر، وأن الشعر في هذا السياق هو رمز للقيود التي يضعها المجتمع على النساء، حيث قالت: “المجتمع يضع علينا الكثير من القيود المختلفة والأجيال التي سبقتنا ورثت هذه القيود ووضعتها كعبء علينا عن غير قصد، من خلال خبراتهم ومن منطلق خوفهم علينا، وهذا الخوف يجعلهم مدفوعين لاختيارات وقرارات لديهم اعتقاد أنها صحيحة من وجهة نظرهم، ولكن ما لا يدركونه أن قيم المجتمع متغيرة، وكل الأجيال تختار اختيارات مختلفة عن التي سبقتها، وهناك مساحة مختلفة للتجارب، ومن المهم أن نحرر أنفسنا من قيود المجتمع”.

وتابعت، “محتوانا في الشركة هو أساسه هذه الفكرة، المساحة الواسعة للتجارب المختلفة، وننتج محتوى في هذا السياق ومن خلاله نتناول أي موضوع في أي مجال، يتعلق بالمحتوى النسوي وقضايا النساء، والفيلمان اللاذان انتجناهما، “مش منكوشة” و”كل أسبوعين”، يقعان تحت هذه المظلة”.

كان لدينا الوعي أننا يمكن أن نواجه تعليقات مثل “شعر إيه يا جماعة الستات عندها مشاكل أكبر”، ولكن الشعر هو رمز كما ذكرنا في الفيلم، لكيفية نظر المجتمع لنا، وأن هذا الشيء البسيط الذي هو جزء من جسدنا ليس لدينا مساحة كافية للتحكم فيه منذ صغرنا، هو يبدو أمر بسيط ولكن هو رمز لأشياء كثرة جداً المجتمع يضعها فوق عاتقنا ويحبسنا داخلها، وليس على المرأة فقط ولكن الرجال أيضاً عليهم قيود، وولكن المهم أن يكون جميعنا كأشخاص لدينا حيوات مختلفة أن يكون لنا مساحة اختيار أشكال هذه الحيوات”.

استمر العمل على الفيلم ما يقرب من 3 سنوات، على حد قول أميرة، ولم يكن هدفها أن تصنع فيلماً عن حياتها، لأنها اعتادت البقاء خلف الكواليس، وأحد أسباب التأخير في الانتهاء منه هو الآراء المختلفة، حول الجزء الأول والثاني من الفيلم، هل يجب أن تكتفي بحوارها مع والدتها أم تجارب الآخرين أيضاً مهمة، واختارت أن تحتفظ برؤيتها للعمل ككل وبأغلب الأحاديث التي جمعتها من الشخصيات الأخرى.

وعلقت أميرة على إحدى العبارات الشائعة حول الشعر الكيرلي، وهي “أنه أصبح سلوكا استهلاكياً تستفيد منه شركات رأسمالية كبرى”، وقالت: “وجود منتجات وأماكن تعتني بشعر المرأة أو الشعر عاماً، بصورة تحرص على التعامل معه بمنتجات طبيعية وبشكل صحي، وليس منتجات مضرة لجزء من جسدنا، هو احتياج في السوق، وضرورة تسويقية، واستجابة لعملاء جدد يحتاجون لأسلوب معين في التعامل مع شعرهم، وصناعة بيزنس ناجح في هذا السياق ليس أمرا سلبياً بل على العكس فتح مجالا أوسع لوجود نوع من المنتجات المحلية وتطورها بعيدا عن الماركات العالمية لتوفير احتياجات العملاء الجدد”.

 

Loading

By عبد الرحمن شاهين

مدير الموقع الإلكتروني لجريدة الأوسط العالمية نيوز مقدم برنامج اِلإشارة خضراء على راديو عبش حياتك المنسق الإعلامي للتعليم الفني