أمل عبد المنعم

 

وسط انقسام وجدل فقهي في مصر وما أكدت عليه دار الإفتاء وبين رأي رجال دين في السعودية، يحي مسلمين ذكرى مولد النبي محمد (ذكر المولد النبوي) اليوم الأحد.

دار الإفتاء المصرية:

ودار الإفتاء ذكرت بسلسلة تدوينات على صفحتها بمنصة إكس (تويتر سابقا) أن “قالوا: هل كانت تُضرب الموسيقى والطبول والنوبات والكشاكيش؟ قلنا: لقد كان استخدام الدف في عصر النبوة أمرًا مشهورًا للإعلان عن الفرح والسرور في المناسبات الاجتماعية، وكان مستخدمًا في كثير من الاحتفالات بحضرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كالعيدين مثلًا ولم ينكره النبي، أما غير ذلك من الآلات فلم يكن معروفًا أو مشهورًا.

ومع ذلك، فإن تلك الآلات الموسيقية المذكورة أو غيرها هي مجرد جمادات تصدر أصواتًا بفعل مستخدمها، فهل قال أحد يومًا إن تلك الآلات أو أصواتها أمر محرم شرعًا؟!”.

وتابعت دار الإفتاء: “غاية ما هنالك أنه إن استُخدمت تلك الآلات في غناء مشتمل على محرم كتهييج الغرائز أو إثارة الشهوات مع مقارعة الخمور أو المسكرات ومشاهدة المحرمات فالأمر كله حرام شرعًا، لا لذات الآلات، بل لما اشتمل عليه فِعل الناس من المحرمات، أما إذا ما استخدمت فيما أحلَّه الله كالمدائح النبوية أو الإنشاد الديني أو الأغاني الوطنية وما يماثلها فلا مانع من ذلك شرعًا، لا لذات الآلات أيضًا بل لما اشتمل عليه فعل الناس من المباحات، فظهر بذلك أن الآلات في ذاتها لا حكم لها إنما الحكم يتعلق بفعل المكلف نفسه”.

وأردفت في تدوينة منفصلة: “الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم هو الاحتفاء به، والاحتفاء به أمر مقطوع بمشروعيته، لأنه أصل الأصول ودعامتها الأولى، وقد درج سلفنا الصالح منذ القرنين الرابع والخامس الهجريين على الاحتفال بمولد الرسول صلوات الله عليه وسلامه بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام وتلاوة القرآن والأذكار وإنشاد الأشعار والمدائح”.

وعلى الجانب الأخر رأي السعودية، حيث رأي خطيب المسجد النبوي، الشيخ علي الحذيفي ومفتي المملكة الراحل عبدالعزيز بن باز:

قال الحذيفي في خطبة الجمعة الماضية: “من الجفاء للنبي، صلى الله عليه وسلم، التهيؤ لبدعة المولد وللبدع التي لا دليل عليها، والتقصير في السنة النبوية.. اتباع النبي وأداء حقّه على العبد يكون بمحبته وتقديمها على كل شيء وطاعة أمره، واجتناب منهياته، وتصديق أخباره وأن لا يُعبد الله تعالى إلا بشرعه”.

وأكد خطيب المسجد النبوي قائلاً: “وقد حطّ الرحال مع السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار قومٌ لم يسمعوا حتى بالمولد، ففازوا باتباع السنن النبوية والعمل بها ومجانبة البدع كلها”.

رأي عبدالعزيز بن باز: قال وفقا لما هو منشور على موقعه الرسمي: “الاحتفال بالمولد النبوي غير مشروع، بل هو بدعة، لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، وهكذا الموالد الأخرى، لعلي أو للحسين أو لعبد القادر الجيلاني أو لغيرهم، الاحتفال بالموالد بدعة غير مشروعة، والرسول صلى الله عليه وسلم هو الداعي إلى كل خير، وهو المعلم المرشد للأمة، وقد بعثه الله بشيرًا ونذيرًا وسراجًا منيرًا يدعو إلى كل خير، وقال الله في حقه: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا [سبأ:28]، وقال في حقه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا  ۝ وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا [الأحزاب:45-46]، وقال تعالى: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا [الأعراف:158]”.

وتابع ابن باز: “لم يرشد أمته إلى الاحتفال، ولم يحتفل في حياته بمولده، ولا فعله الصديق ولا عمر ولا عثمان ولا علي ولا غيرهم من الصحابة، ولا في القرون المفضلة القرن الأول والثاني والثالث، وإنما أحدثه الرافضة، ثم تابعهم بعض المنتسبين للسنة”.

وأضاف: “أما الاحتفال بمولده في ربيع الأول من كل سنة بالأكل والشرب والذبائح والخطب هذا لا أصل له، هذا من البدع وهو وسيلة إلى الشرك، كثير من هؤلاء المحتفلين يقع منهم الشرك والغلو في النبي عليه الصلاة والسلام مع البدعة. نسأل الله السلامة.. المقدم: جزاكم الله خيرًا على هذا التوجيه المبارك”.

هل الاحتفال بالمولد النبوي بدعة؟

يؤكد الشيخ أبو اليزيد سلامة، من علماء الأزهر الشريف، أن الكون كله اهتم بـمولد النبي حتى أن السيدة آمنة لما وضعت النبي رأت أن نورا خرج منها أضاء قصور كسرى، لافتًا إلى أن النبي شكر الله عزوجل على هذا اليوم، منوها أن مبدأ الاحتفال بيوم مولد النبي هو بدعة حسنة، وهذا اليوم ليس يوم عيد وإنما هو يوم نذكر فيه أن الله تعالى أهدانا وأهدى البشرية هدية ولادة النبي المصطفى، فيقول الله (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)؛ وأن تناول وتهادي حلوى المولد النبوي لا حرج فيها شرعا ومن حرم تناولها فهو المبتدع، وعلى المسلم أن يحسن الاحتفال بذكرى المولد النبوي ويتأسى بسنته.

وتابع: على المسلم إذا أراد الاحتفال بالمولد النبوي فيكون بتعظيم النبي والاقتداء بهديه الشريف والتأسي بأخلاقه وقراءة شمائله المحمدية.

ما هو حكم صيام المولد النبوي الشريف؟

قالت دار الإفتاء المصرية، إن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم احتفل بذكرى مولده الشريف بالصيام؛ فقد سُئِل عن صوم يوم الاثنين، فقال: “ذاكَ يَومٌ وُلِدتُ فيه” أخرجه مسلم.

وقالت دار الإفتاء المصرية، إن يوم مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو يوم عظيم أكرم الله به البشرية بولادة خير الخلق، مما يجعله يومًا يستحق التعبير عن الشكر لله تعالى من خلال الطاعات والقربات، ومن بينها الصيام الذي يعد من أفضل العبادات.

كما أضافت أن إظهار الفرح والسعادة بمولد النبي الكريم هو تعبير عن الاعتزاز بهذه النعمة العظيمة، ففرحة المؤمن بمولده صلى الله عليه وسلم أعظم من أي فرحة أخرى، مشيرة إلى أن صيام يوم المولد النبوي الشريف هو عمل مشروع وحسن، حيث يعد من شكر الله على نعمه، كما أنه اتباع لسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي كان يصوم يوم الإثنين، وهو اليوم الذي وُلد فيه.

Loading

By عبد الرحمن شاهين

مدير الموقع الإلكتروني لجريدة الأوسط العالمية نيوز مقدم برنامج اِلإشارة خضراء على راديو عبش حياتك المنسق الإعلامي للتعليم الفني