كتب _ عبدالرحمن شاهين
بينت الإفتاء المصرية أنه يصح النذر في العبادات المقصودة؛ وهي التي شرعت للتقرب بها، وعلم من الشارع الاهتمام بتكليف الخلق إيقاعها عبادة؛ كالصوم، والصلاة، والصدقة، والحج، والاعتكاف، والعتق، والذبح: فهذه تلزم بالنذر بلا خلاف، ولكن الواجبات التي أوجبها الشرع الشريف لا يصح نذرها؛ لأنها واجبة بإيجاب الشرع، فلا معنى لالتزامها، وذلك كنذر الصلوات الخمس وصوم رمضان.
أشارت إلى اعتبار الفقهاء في صيغة النذر أن تكون باللفظ ممن يتأتى منهم التعبير به، وأن يكون هذا اللفظ مشعرًا بالالتزام بالمنذور؛ وذلك لأنَّ المُعَوَّل عليه في النذر هو اللفظ؛ إذ هو السبب الشرعي الناقل لذلك المندوب المنذور إلى الوجوب بالنذر، فلا يكفي في ذلك النية وحدها بدون اللفظ.
ولا خلاف بين الفقهاء في أن من نذر فصرح في صيغته اللفظية أو الكتابية بلفظ (النذر) أنه ينعقد نذره بهذه الصيغة، ويلزمه ما نذر.
وإنما الخلاف بينهم في صيغة النذر إذا خلت من لفظ (النذر)؛ كمن قال: لله عليَّ كذا، ولم يقل نذرًا، وعما إذا كان ينعقد نذره بهذه الصيغة ويلزمه ما نذر أم لا؟ على اتجاهين:
الاتجاه الأول: يرى أصحابه أن النذر ينعقد ويلزم الناذر وإن لم يصرح في صيغته بلفظ النذر إذا أتى بصيغة تفيد التزامه بذلك، وإليه ذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، وهو المعتمد في الفتوى؛ وذلك كقوله: إن شفى الله مريضي، أو رزقني ولدًا فلله عليَّ إعتاق أو صوم أو صلاة، فإذا حصل المعلق عليه لزمه الوفاء بما التزم، ولو قال: فعليَّ، ولم يقل: فلله علي، فالصحيح: أنه كذلك، وقيل: لا بد من التصريح بذكر الله تعالى، ولو عقب النذر بالمشيئة فقال: لله علي كذا إن شاء الله تعالى، لم يلزمه شيء.
الاتجاه الثاني: يرى من ذهب إليه أن النذر لا ينعقد إلا إذا صرح في صيغته بلفظ النذر، وهو قول آخر لسعيد بن المسيب والقاسم بن محمد.
أفادت الإفتاء أنه يقوم مقامَ اللفظ: الكتابةُ المقرونة بنية النذر، أو بإشارة الأخرس المفهمة الدالة أو المشعرة بالتزام كيفية العقود،وأنه إذا صح النذر لزم الوفاء به، والمعتبر فيه مقتضى ألفاظ الالتزام.