إسلام محمود
قال الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، إن الأزهر حريص على تطوير عناصر العملية التعليمية بها انطلاقا من المعلم ومرورا بالمناهج والوسائل التعليمية وانتهاء بالبنية التحتية لتحقيق رؤية الدولة المصرية 2030، لتكون قادرة على مواكبة التقدم التكنولوجي والتفاعل مع ما يحمله العصر من تحديات في المجالات كافة، وعدم توانيها في تقديم أفضل خدمة تعليمية لأبنائها وبناتها من طلاب المعاهد الأزهرية وجامعة الأزهر، بما يجعلهم مشاركين وفاعلين في صياغة مستقبل أمتنا ووطننا.
وأكد وكيل الأزهر خلال الملتقى الثالث لضمان جودة التعليم الأزهري، المنعقد بقاعة الأزهر للمؤتمرات؛ أن الملتقى يأتي انطلاقا من رؤية الدولة المصرية، وتأكيد الإمام الأكبر شيخ الأزهر بشكل دائم ومستمر أهمية تطوير التعليم في وطننا العربي والإسلامي، ببذل المزيد من الجهد، وضرورة التيقظ لمحاولات تمرير أفكار منحرفة وأمراض أخلاقية غير مقبولة -لا دينيا ولا أخلاقيا- من خلال مناهج التعليم تحت شعارات الانفتاح على الآخر والتطوير والتقدم، لافتا أن التعليم في أوطاننا العربية والإسلامية لا بد أن يحمل مقومات نهوض أمتنا وطموحاتها ووحدتها، وأن تستهدف المناهج التعليمية بناء وتخريج شباب قادر على التمسك بقيم الدين والأخلاق.
وأضاف أن ملتقى اليوم يعقد في ظل ظروف استثنائية؛ فكلنا ألم مما يحدث لإخواننا في فلسطين المحتلة من عدوان غاشم من قبل الكيان الصهيوني المغتصب، مع صمت مريب ومساندة دولية متعمدة من قبل أطراف يجهرون بالسلام ويبطنون العداوة والطغيان، وأن هذه الأحداث المؤلمة لتذكرنا بالواجب علينا؛ فأمتنا أمة لم تخلق لتموت، وإنما خلقت لتحيا، فهي أمة الخير والوسطية، أعدل الأمور وأجودها، أمة التحسين والإتقان والتطوير والتقدم.
وأشار وكيل الأزهر إلى أن هذا الملتقى يقدم دليلا عمليا على أن الأزهر متفاعل مع معطيات العصر، ويوضح أن تحقيق معايير الجودة في التعليم ليس بمجرد الكلام فحسب؛ وإنما بالعطاء المتواصل والعمل المستمر، لافتا أن هذا هو منهج الأزهر الذي يعلي من قدر العاملين فيه، في وقت يحتاج فيه الوطن لكل نفس لاستكمال مسيرته نحو التقدم، ويثبت أن الأزهر الشريف مبدع في فهم رسالة الإسلام وتطبيقها؛ فلم تقف رسالة الأزهر عند بيان الأحكام الشرعية من حلال وحرام، وإنما تنطلق لتكون كما أراد الله علاجا عميقا للروح والبدن، وللعقل والقلب في نسيج متفرد يربط الدنيا بالآخرة، حيث يمثل التعليم الأزهري أحد أهم قطاعات التعليم في مصر والعالم الإسلامي، إذ يدرس فيه نحو مليونين ونصف المليون، من بينهم ما يقرب من أربعين ألف طالب وافد من أكثر من مئة دولة حول العالم.
وأوضح أن التعليم الأزهري، إذا كان دوره هو الحفاظ على التراث العربي الإسلامي، وأداء رسالته في خدمة الدين والعلم، وتزويد مصر والعالمين العربي والإسلامي بالعلماء العاملين في مختلف المجالات؛ فإن هذا الدور قد زادت أهميته في مطلع الألفية الثالثة حين فرضت التحديات حتمية التطوير على التعليم الأزهري قبل الجامعي، ليكون قادرا على المنافسة، التي أصبحت حقيقة واقعة لا خيار سوى مواجهتها والتعامل معها ومحاولة الاستفادة منها، وهذا الأمر دفع التعليم الأزهري قبل الجامعي نحو البحث عن كيفية رفع قدرته التنافسية، بما يضمن له التفوق والاستمرار والبقاء والتطور، ومن هنا كانت الحاجة الماسة إلى تعليم أزهري شامل عالي الجودة.
وأردف وكيل الأزهر، أن من دواعي الفخر والسرور أن عدد شهادات الاعتماد التي حصلت عليها المعاهد الأزهرية حتى الآن تجاوزت ألفا وثلاثمئة شهادة، بزيادة مستمرة عاما بعد عام مع الحفاظ على نسبة اعتماد متميزة، حيث تم اعتماد أربعة وستين معهدا خلال السنوات الست الأولى من عام 2009م حتى عام 2015م، أما في السنوات الثماني الأخيرة فقد حدثت طفرة في قطاع التعليم الأزهري قبل الجامعي، حيث زاد عدد المعاهد المعتمدة تصاعديا فبلغت شهادات الاعتماد التي تم منحها للمعاهد الأزهرية ما يزيد على ألف ومئتين شهادة، في الفترة من عام 2016م حتى عام 2023م.
وبين أنه يجري حاليا إعداد ملفات لما يزيد على مئتي معهد أزهري للتقدم للاعتماد من الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد خلال الفصل الدراسي الأول من العام الدراسي 2023/2024م فضلا عن إنشاء وتجهيز ثمانية وخمسين مركزا لنشر ثقافة الجودة والتنمية المهنية للمعلمين بالمعاهد المستهدفة ضمن خطة الجودة، وذلك لتقديم الدعم الفني لها في ضوء الخطة السنوية للاعتماد، لتسع هذه المراكز ٢٢٠٠ متدرب لدعم منظومة الجودة بالأزهر الشريف بوجه خاص، ومنظومة التدريب بوجه عام.
كما تم تدريب ٦٠٠ متدرب من العاملين في منظومة الجودة بالأزهر الشريف على النظام الإلكتروني الجديد ومستجدات عملية الاعتماد، وإطلاعهم على البرامج المحدثة للمراجعين الخارجيين من الهيئة لمواكبة التطورات الخاصة بنظام الاعتماد وذلك في ستة مراكز تدريبية، حيث يأمل الأزهر لمعلمي المعاهد الأزهرية أن يكونوا من بين المراجعين الخارجيين بالهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد ويشاركوا في زيارات المراجعة الخارجية بعد تأهيلهم واجتيازهم المقابلات والاختبارات التي تقررها الهيئة، لذا؛ يتم التنسيق بين الأزهر الشريف والهيئة لمنح العاملين بالأزهر الدورات المطلوبة في هذا الشأن.
واختتم وكيل الأزهر كلمته قائلا: “إن العمل الدؤوب والتعاون النموذجي المثمر بين الهيئة ومؤسسات التعليم في الأزهر الشريف قد أحدث طفرة في معدلات اعتماد الكليات والبرامج والمعاهد الأزهرية؛ حيث تم اعتماد ثمان وعشرين كلية أزهرية، وثمانية وعشرين برنامجا أكاديميا، وهو ما يؤكد أن حجم جامعة الأزهر وتاريخها وأنماط التعليم بها يمثل ميزة نوعية وقدرة تنافسية للجامعة التي تضم بين جنباتها دارسين ينتمون لأكثر من مئة دولة في العالم، وأن الجامعة تتابع وتهتم بالأخذ بكافة المستجدات التي تقرها الهيئة وذلك من خلال مركز ضمان الجودة بالجامعة ووحدات الجودة بالكليات، ذلك أن مجريات الحياة وسرعة تطورها وسيولة المعلومات، جعلت التعلم المستمر ضرورة، والمحافظة على كفاءة التعليم وجودته في حاجة حقيقية إلى برامج هادفة ومنظمة تضمن تحقيق معايير الجودة المستمرة”.
ويستضيف مركز الأزهر للمؤتمرات بمدينة نصر، اليوم الاثنين، الملتقى الثالث لضمان جودة التعليم الأزهري، والذي ينعقد تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر أ.د/أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وبحضور، د.محمد الضويني، وكيل الأزهر، نائبًا عن فضيلة شيخ الأزهر، و د.محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، ود. شوقي علام، مفتي الجمهورية، و د.علاء عشماوي، رئيس الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد، والشيخ أيمن عبد الغني، رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، وبمشاركة عدد من الشخصيات العامة وسفراء عدد من الدول الإسلامية ورؤساء الجامعات وقيادات الأزهر الشريف.
رؤية مصر 2030
ويأتي انعقاد الملتقى في إطار رؤية مصر 2030م، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، والذي يؤكد دومًا على أنَّ جودة التعليم تعدُّ قضية أمن قومي، ومن أجل النهوض بمنظومة جودة التعليم والتدريب، وتأهيل الكوادر والمؤسسات التعليمية، ونشر ثقافة الجودة؛ لتحقيق النقلة النوعية المنشودة في تطوير التعليم المصري وتحقيق جودته.
كما ينعقد الملتقى في إطار التنسيق بين الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد، التابعة لرئاسة مجلس الوزراء مع المؤسسات المعنية، وفي مقدمتها الأزهر الشريف؛ دعمًا لمسيرة مؤسساته التعليمية المنتشرة في شتى ربوع مصرنا الغالية، والدور العالمي الذي يقوم به الأزهر لإرساء قيم العلم والتسامح.
ويستهدف الملتقى، مناقشة عددا من المحاور الرئيسية في التعليم الأزهري وجودته، وعلى رأسها؛ منهجية العمل خلال الفترة القادمة في مجال جودة التعليم والتدريب والتعاون الدولي، ودراسة التحديات التي تواجه المؤسسات التعليمية وسبل التغلب عليها للارتقاء بها وتحقيق جودتها.
ومن المقرر أن يتم تكريم المعاهد الأزهرية الحاصلة على الاعتماد خلال العام الماضي، بالإضافة إلى تكريم أكبر خمس مناطق أزهرية من حيث عدد المعاهد المعتمدة من جودة التعليم والاعتماد، كما سيتم تكريم الكليات التي تم تجديد اعتمادها، وأيضا تكريم الكليات التي تم اعتماد جميع برامجها، والكليات المتميزة من حيث عدد البرامج المعتمدة.
كما سيتم عقد ورشة عمل للتدريب على معايير الاعتماد البرامجي المطورة، وحلقة نقاشية حوارية لمناقشة التحديات التي تواجه التعليم العالي والتعليم قبل الجامعي وسبل مواجهتها للإسهام في تحقيق رؤية مصر 2023م.
قرار جمهوري
أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى، رئيس جمهورية مصر العربية، قراراً بتجديد تعيين الدكتور محمد عبد الرحمن الضويني، وكيلا للأزهر الشريف، وذلك اعتبارا من 15 أكتوبر 2023، وحتى بلوغه السن القانونية في 28 مارس 2025م.
ولد الدكتور محمد عبدالرحمن محمد الضويني في قرية مجول بمركز سمنود بمحافظة الغربية، في 29 مارس عام 1965م، ونال الإجازة العالية «الليسانس» شعبة الشريعة والقانون من جامعة الأزهر بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف عام 1990، كما نال درجة الماجستير في الفقه المقارن بتقدير ممتاز عام 1995، عن موضوع «تحقيق ودراسة كتاب النكاح من مخطوط تهذيب الأحكام للإمام البغوي – فقه مقارن».
كما نال الدكتور الضويني درجة الدكتوراة في الفقه المقارن عام 1998، بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى والتوصية بتبادل الرسالة مع الجامعات الأخرى من كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، بدراسة عنيت ببيان أحكام المذاهب الثمانية ومقارنتها والترجيح بينها ثم المقارنة مع القانون الوضعي وترجيح الاتجاه المناسب وفق مقتضيات الدليل والمصلحة.
وعُين الدكتور الضويني معيدا بقسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون اعتبارا من 29 ديسمبر 1991، ثم عين مدرسا مساعدا بقسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة عام 1995، بعدها عين مدرسا بقسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون اعتبارا من 1998، ثم أستاذا مساعدا في أكاديمية السلطان قابوس لعلوم الشرطة بسلطنة عمان اعتبارا من سبتمبر 2002، ثم أستاذا مساعدا بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بالقاهرة اعتبارا من 2004، ثم أستاذا مشاركا في أكاديمية السلطان قابوس لعلوم الشرطة بسلطنة عمان منذ سبتمبر 2004 وحتى سبتمبر 2007.
كما عُيّن د/الضويني أستاذا مشاركا للشريعة الإسلامية والفقه المقارن بمعهد دبي القضائي، اعتبارا من يونيو 2014 وحتى سبتمبر 2016، ثم أستاذا للفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر اعتبارا من أكتوبر 2017.،ثم رئيسا لقسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر في مارس 2018، ثم وكيلا لكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بالقاهرة لشؤون التعليم والطلاب اعتبارا من ديسمبر 2019.
وفي يناير 2020م، عُين الضويني رئيسا لأكاديمية الأزهر العالمية لتأهيل وتدريب الأئمة والوعاظ وباحثي الفتوى في يناير 2020، ثم أمينا عاما لهيئة كبار العلماء في إبريل 2020، ثم وكيلا للأزهر الشريف في أكتوبر 2020، بعد أن أصدر قرارا جمهوريا في الرابع عشر من أكتوبر 2020 بتعيينه وكيلا للأزهر الشريف، بناء على ترشيح فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر.