مارينا فيكتور
تحتفل الإسكندرية بل مصر كلها في شهر سبتمبر من كل عام بذكرى رحيل فنان الشعب وابن الإسكندرية، الفنان “سيد درويش”.
ولكن هذا العام مختلف، إذ تحتفل مصر بالذكرى المئوية لوفاة فنان الشعب، والذي توفي في 10 سبتمبر 1923، بعد مشوار ليس طويلا إذ توفي في ريعان شبابه تاركا إرثا فنيا وموسيقيا مازال يعيش معنا حتى الآن، ألحان وأغانى شكلت وجدان المواطن المصري حتى لقب بـ”فنان الشعب”.
كان سيد درويش من أهم وأكبر مجددي الموسيقى والغناء في العصر الحديث.
بداية حياته
ولد سيد درويش في 17 مارس عام 1892 بالإسكندرية لأسرة متوسطة الحال، والتحق وهو في الخامسة من عمره بأحد الكتاتيب ليتلقى العلم ويحفظ القرآن.
وبعد وفاة والده وهو في السابعة من عمره، قامت والدته بإلحاقه بإحدى المدارس، وبدأت تتضح موهبته الفنية في المدرسة، وفي عام 1917 انتقل سيد درويش إلى القاهرة، حيث سطع نجمه، ولحن لأكبر الفرق المسرحية منها فرقة “جورج أبيض”، وفرقة ” نجيب الرحانى”، وفرقة “على الكسار”.
رحلة نجاحه
قام درويش بتلحين وغناء العديد من الأغاني التي أصبحت جزءًا من التراث المصري مثل “شد الحزام”، و”انا هويت”، و “سالمة يا سلامة”، و”الحلوة دي”، ودجى دجى دنجي”، وكان من أوائل الفنانين الذين ربطوا بین الفن والسياسة من خلال أغنية “قوم يا مصري” لتحفيز المصريين في ثورة 1919، كما أنّه هو من لحن النشيد الوطني المصري.
توفي سيد درويش وهو في ريعان شبابه، بعد أن ترك وراءه كنز موسيقي وتراث فني عريق، مازالت تفخر به اﻷجيال حتى الأن.
وعند رحيله كتب مشاهير عصره كلمات تصف فيها عبقريته وتواضعه ودوره في تجديد الموسيقى العربية.
وصف الأديب عباس العقاد الشيخ سيد درويش بإمام الملحنين.
وفي كتاب “صحبة العشاق“ كتب الأديب خيري شلبي تحت عنوان (عبقرية سيد درويش.. ثورة الوجدان ووجدان الثورة) يقول: يزداد إيماني بعبقرية فنان الشعب سيد درويش عاما بعد عام، بل يزداد يوما بعد يوم.
فما حققه سيد درويش لم يكن مجرد إنتاج فني غزير يصلح للتداول في كل عصر وأوان، بل خلَّف تراثا عظيما يتغذى على وجدان الجماهير قدر ما يغذيها.
تواضع صاحب اللحن
وقال الفنان المسرحي بديع خيري: “عرفت سيد درويش منذ عام 1918، وذلك حين اصطحبنى الفنان الفكاهي حسين شفيق المصرى لمشاهدة مسرحية فيروزشاه التي كانت تقدمها فرقة جورج أبيض، ورأيت سيد درويش يغنى كفرد من أفراد الكومبارس فلا هو البطل، ولا حتى ممثل ثان من شدة تواضعه، وهو صاحب اللحن”.
وقال يوسف وهبى: “جاء سيد درويش وطور من الغناء بأن جعل المغنى يتبع الأوركسترا، فكان أول من التفت إلى أن اللحن كأي عمل فني لابد أن يشتمل على قمة يصعد إليها قبل أن يصل إلى الخاتمة، كذلك كان أول معبر فى مصر عن الدراما الموسيقية، فانتشر غناؤه فى الحواري”.
توفيق الحكيم: التجديد متصل بفنه
كان الأديب توفيق الحكيم هو الذي تتبع سيد درويش في المسارح والمقاهي ليستمع إلى فنّه، وليكتب عنه، بعد ذلك.. يقول: “كانت أغاني سيد درويش وألحانه الشعبية تسري في الناس كالنار في الهشيم”.
وتابع: ‘كان درويش يتعمد التجديد قهرًا أو افتعالًا ولم أسمعه يتحدث في ذلك، كما يتحدث أصحاب النظريات أو قادة النهضات، ولكن التجديد عنده فيما أرى كأن شيئا متصلًا بفنه ممزوجًا به”.