التنمر في الإسلام، يوجد صفات مذمومة تسبب إيذاء نفسي داخل الإنسان منها التنمر عليه بأي شكل سواء لفظيا أو جسديا.

أن التنمر شكل من أشكال الأذية الموجهة بغرض الإيذاء النفسي، الإساءة غالبا ما تكون لفظيًة، لكن أحيانًا قد يرافقها بعض التعرّض أو الاستعراض أو التهجُّم الجسدي. ويمكن تعريف التنمر بطرق مختلفة وكثيرة.

أنواع التنمر

أن التنمر له عدة أنواع مختلفة منها:

أولا: غالبًا ما يوصف التنمر في كثير من الأحيان بأنه  شكل من أشكال المضايقات التي يرتكبها المسيء الذي يمتلك قوة بدنية أو اجتماعية وهيمنة أكثر من الضحية.

ثانيا: قد يكون التنمر بأشكال مختلفة؛ لفظيا أو جسديا أو حتى بالإيماءات، أو غيرها من أساليب الإكراه الأكثر دهاء مثل التلاعب.

 

ثالثا: يمكن أن يقوموا المتنمرون بالتنمر بدافع الغيرة أو لأنهم تعرضوا لمثل هذه الأفعال من قبل.

رابعا: من  أشكال التنمر أيضا يمكن أن تتضمن التصرفات التي تعد تنمرا التنابز بالألقاب، أو الإساءات اللفظية أو المكتوبة، أو الاستبعاد من النشاطات، أو من المناسبات الاجتماعية، أو الإساءة الجسدية.

وأنها موجهة للإيذاء النفسي من فرد أو مجموعة نحو فرد أو مجموعة أخرى غالبًا ما تكون ذات قدرات أضعف للدفاع عن نفسها.

 

التنمر في الإسلام، فيتو
التنمر في الإسلام، فيتو

أشكال التنمر في الإسلام

يقول الله جل وعلا في كتابه الكريم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات:١١] يبين الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة مسائل أربع، ويحذر منها جل وعلا:

 

المسألة الأولى: السخرية

السخرية من الرجال بعضهم ببعض، أو النساء، وأن الواجب على المؤمن أن يحذر السخرية من أخيه والاستهزاء بأخيه، فربما كان المستهزأ به أفضل عند الله وخيرًا من هذا المستهزئ الساخر المتنقص، وهكذا النساء مع بعضهن، ولهذا قال عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ذكرهم بالإيمان الذي يجب أن يمنعهم مما حرم الله ﴿لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ﴾ [الحجرات:١١] لا تسخر من فقره، أو دمامته، أو عرجه أو غير هذا من الأسباب، وكذلك المرأة لا تسخر من أختها ولا من أخيها، بل يجب على المؤمن أن يشكر الله إذا حباه فضلًا على غيره، وأن يحمد الله الذي عافاه مما ابتلى به غيره، أما أن يسخر ويستهزئ فذلك من نقص العقل والدين.

التنمر في الإسلام، فيتو
التنمر في الإسلام، فيتو

 

المسألة الثانية: حرمة اللمز والعيب

يقول جلا وعلا: ﴿وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [الحجرات:١١] اللمز: العيب، لا يعب بعضكم بعضًا، لا تعب أخاك بشيء ابتلاه الله به، من نقص في ماله، أو في جاهه، أو في خلقته أو نحو ذلك، فإن هذا يشبه الاستهزاء، فالواجب عليك أن تحمد الله وتشكره على ما أعطاك من النعم، وألا تعيب أخاك وتلمزه.

 

واللمز هو المسمى: العيارة، أن يعيره بشيء فيه من النقص، هذا لا يجوز، وهو من أسباب البغضاء والشحناء، ومن أسباب العداوة والفرقة ﴿وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [الحجرات:١١] أي: لا يلمز بعضكم بعضًا ولا يعيب بعضكم بعضًا؛ سواء بأشياء خارجية من فقر أو غير ذلك، أو داخلية من نقص في خلقته يعيبه بذلك.

 

المسألة الثالثة: حرمة التنابز بالألقاب

قال تعالى: ﴿وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ﴾ [الحجرات:١] التنابز التداعي بالألقاب القبيحة: يا حمار! يا فاجر! يا كافر! يا قبيح! يا أعرج! يا كذا! يدعوه بألقاب لا يرضاها، هذا -أيضًا- من أسباب الشحناء والعداوة والبغضاء، وربما أفضى إلى القتال والفتن، فالواجب أن يدعوه بالأسماء الطيبة، والأسماء التي يحبها: يا فلان يا محمد يا أبا عبد الله أما أن يدعوه بأسماء أو بعبارات وألقاب يكرهها، فهذا هو التنابز بالألقاب، فيجب الحذر من ذلك؛ لئلا يجر إلى الفتن والشحناء والعداوة والبغضاء، ولهذا قال جل وعلا: ﴿وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ﴾ [الحجرات:١١] فبين لنا أن من تعاطى هذه الأمور يكون فاسقًا، فكيف يرضى بحاله أن يكون بعد الإيمان فاسقًا خارجًا عن طاعة الله جل وعلا؟ والفسوق هو الخروج عن الطاعة.

التوبة في الإسلام من التنمر

أن الله سبحانه وتعالى فتح باب التوبة للمسلم؛ فمن تاب بعد ذنبه تاب الله -تعالى- عليه، والتوبة التي أمر الله -تعالى- بها هي التوبة النصوح الواردة بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّـهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) (سورة التحريم، الآية 8 ).

ويقتدي المُسلم بالنبي -عليه الصلاة والسلام- الذي كان يتوب إلى الله -تعالى-دائمًا، قال -عليه السلام- عن نفسه: (واللَّهِ إنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وأَتُوبُ إلَيْهِ في اليَومِ أكْثَرَ مِن سَبْعِينَ مَرَّةً).

وقال تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [الحجرات:١١] يبين سبحانه أن من أصر على المعاصي فهو ظالم، ومن تاب فقد أفلح من أصر على المعصية ولم يتب فهو ظالم لنفسه، متعرض لغضب الله، فالواجب البدار بالتوبة من المعصية، وعدم الإصرار عليها، فمن بادر بالندم والإقلاع وعدم الإصرار والعزم الصادق ألا يعود؛ سلم من شر الذنب وتاب الله عليه، ومن أصر فقد ظلم نفسه، ويبقى عليه إثم ذلك الذنب وخطره لو نزل به الأجل.

<strong>التوبة في الإسلام من التنمر، فيتو</strong>
التوبة في الإسلام من التنمر، فيتو

 

قبول التوبة في الإسلام

بين الله في كتابه العظيم أنه يقبل التوبة من عباده مهما تنوعت ذنوبهم وكثرت معاصيهم، مصداقا لقوله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر: 53].

ونحن نحتاج دائمًا للتوبة، في كل وقت وفي كل حين، فالتوبة لازمة لجميع المؤمنين، وقد أمر الله سبحانه وتعالى بالتوبة، فقال: { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } (سورة النور ٣١).

 

وقال عز وجل: { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا } [التحريم:8]. وأيضا قوله عز وجل: { إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} (سورة البقرة ٢٢٢).

وفي قول الله تعالى:(إنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) [النساء:17].

فرحمة الله أوسع وعفوه أعظم، مصداقا لقوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) [الشورى: 25]،

Loading

By عبد الرحمن شاهين

مدير الموقع الإلكتروني لجريدة الأوسط العالمية نيوز مقدم برنامج اِلإشارة خضراء على راديو عبش حياتك المنسق الإعلامي للتعليم الفني