محمد نصر
تزامنا مع الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس، صباح السبت الماضي، على إسرائيل، والذي أسقط أكثر من 1100 قتيل حتى الآن، وفقا لوكالة رويترز للأنباء، في أكبر حصيلة لقتلى إسرائيل منذ عقود، وما تبع ذلك من رد إسرائيلي استهدف قطاع غزة، ثار الحديث داخل دوائر السياسية الامريكية، حول الدور الإيراني في دعم حماس، وهل كان لمبلغ الـ6 مليارات دولار التي أفرجت عنها واشنطن في صفقة تبادل السجناء بينها وبين إيران أي دور في دعم الهجوم أم لا؟.
– لا يوجد دليل
وفي مقابلة مع شبكة سي.إن.إن الأمريكية، الأحد الماضي، وفقا لرويترز، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إن إيران لم تتمكن حتى الآن من إنفاق دولار واحد من الـ6 مليارات دولار التي تم الإفراج عنها في صفقة تبادل السجناء بين الولايات المتحدة وإيران في شهر سبتمبر الماضي. مؤكدا أنه “لم ير بعد دليلاً على أن إيران وجهت هذا الهجوم بالتحديد أو كانت وراءه، لكن هناك بالتأكيد علاقة طويلة”.
وبالرغم من نفي الإدارة الأمريكية، لوجود أي دلائل لديها تثبت أي تورط مباشر لإيران، في الهجوم الأخير لحماس، إلا أن الجمهوريون يلقون باللائمة على بايدن، حيث حاول معظم مرشحي الرئاسة من الجمهوريين لعام 2024، وفقا لوكالة رويترز، ربط صفقة بايدن مع إيران بالهجمات، وزعم بعضهم، بشكل غير صحيح، أن دافعي الضرائب الأمريكيين قاموا بتمويل الهجمات على إسرائيل.
وقالت نيكي هيلي، حاكمة ولاية كارولينا الجنوبية السابقة، والمرشحة الرئاسية للحزب الجمهوري لعام 2024، إن السماح لإيران بالوصول إلى تلك الأموال تحت أي ظرف من الظروف يحسن وضع ميزانيتها، ويسمح لها باستخدام الأموال في أماكن أخرى.
وأضافت، “دعونا نكون صادقين مع الشعب الأمريكي وندرك أن حماس وإيران ينقلون الأموال بينما نتحدث، لأنهم يعرفون أنه سيتم الإفراج عن الستة مليارات دولار، هذا هو الواقع”.
– حماس تؤكد
بينما لم تنفِ حماس دعم إيران لها، وفقا لبي بي سي، التي أشارت إلى ما قاله المتحدث باسم حركة حماس، غازي حمد، السبت الماضي، خلال مقابلة على قناة بي بي سي، ردا على سؤال بشأن حجم الدعم الذي حصلت عليه حماس من إيران لتنفيذ هذه العملية قائلا: “أنا فخور بأن هناك العديد من الدول تساعدنا، إيران تساعدنا، ودول أخرى تساعدنا، سواء بالمال أو بالسلاح أو بدعم سياسي، لا بأس أن نفعل ذلك”.
وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال”، الأحد الماضي، أنه وفقاً لأعضاء كبار في “حماس وحزب الله”، فإن ضباط من الحرس الثوري الإيراني “عملوا مع حماس منذ أغسطس لتخطيط التوغلات الجوية والبرية والبحرية” التي حدثت في الهجوم، وأن مسئولي الأمن الإيرانيين “أعطوا الضوء الأخضر للهجوم باجتماع في بيروت، الاثنين الماضي”.
– عائدات نفطية
وفي أغسطس الماضي، تم الإعلان عن تفاصيل اتفاق معقد وافق عليه الرئيس الأمريكي جو بايدن، والذي سُمح بموجبه لـ5 أمريكيين اعتقلتهم طهران بمغادرة البلاد مقابل تحويل 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية التي تم تجميدها في كوريا الجنوبية، وفي ذات الوقت، سُمح لـ5 إيرانيين محتجزين في الولايات المتحدة بالمغادرة.
ووفقا لرويترز فالـ6 مليارات دولار هي أموال إيرانية جمدت في بنوك كوريا الجنوبية، بعد أن فرضت واشنطن، في عهد دونالد ترامب، حظراً كاملاً على صادرات إيران من النفط وعقوبات على قطاعها المصرفي عام 2019، وبذلك تم حظرت هذه العائدات النفطية لإيران في سيول.
– أين الـ6 مليارات دولار الآن؟
لم يتم تسليم الأموال لإيران مباشرة، بحسب رويترز، ولكنها تحت إشراف البنك المركزي القطري ولا تزال في الدوحة، فيما قال بلينكن لشبكة “سي إن إن”، الأحد الماضي: “الحقيقة أنها لم تكن من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين، كانت تلك عوائد نفطية جمعتها إيران من بيع نفطها وتم تعليقها في أحد بنوك كوريا الجنوبية”.
فيما أشار مسئولون أمريكيون، وفقا لرويترز، إلى أنه وبموجب شروط الصفقة مع إيران، لا يمكن استخدام الأموال إلا للأغراض الإنسانية، كشراء المواد الغذائية واستيراد السلع الأخرى من خارج إيران.
وأوضح وكيل وزارة الخزانة الأمريكية لشئون الإرهاب والمالية، بريان نيلسون، أن “جميع الأموال المودعة في حسابات مقيدة في الدوحة كجزء من ترتيبات تأمين إطلاق سراح الأمريكيين الـ5 في سبتمبر، لا تزال في الدوحة، ولم يتم إنفاق فلس واحد منها، لا يمكن لهذه الأموال المقيدة أن تذهب إلى إيران، بل يمكن استخدامها فقط للأغراض الإنسانية المستقبلية، وأي اقتراح على عكس ذلك هو زائف ومضلل”.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية، إنه بسبب مقتضيات الحرص الواجبة المتعلقة بالمبادلة، “سوف يستغرق الأمر عدة أشهر حتى تنفق إيران هذه الأموال، وكما قلنا مرات عديدة، لا يمكن استخدامها إلا لشراء المواد الغذائية والأدوية والأجهزة الطبية والمنتجات الزراعية للشعب الإيراني”.