عزت زين: الطلاب والمتقاعدون يسدون عجز مشرفى النشاط
18 توصية خرج بها مؤتمر «نحو سياسة وطنية لتطوير المسرح المدرسي» الذى نظمه المركز القومى للمسرح برئاسة المخرج عادل حسان، وبحضور وزير الثقافة د. أحمد فؤاد هنو، ونائب وزير التربية والتعليم، وهى توصيات مؤثرة تضمن ـ إذا نُفذت ـ عودة المسرح المدرسى وقدرته الفعالة على بناء شخصية سوية محصنة ضد الأفكار المتطرفة،
وقد يكون أهم وأروع ما جاء فى ختام المؤتمر ولم تشمله التوصيات هو ما أعلنه حسان بإطلاق المهرجان القومى للمسرح المدرسى بالتعاون بين الوزارتين.. ومن خلال التوصيات يحدثنا المخرج والممثل القدير عزت زين الأمين العام للمؤتمر عما يمكن أن تحققه تلك الخطوة وباعتباره موجها عاما سابقا للمسرح المدرسى بالفيوم.

إعادة تنشيط مشروع مسرح الجُرن لطلاب المرحلة الإعدادية، بهدف تأكيد الهُوية، وتنمية قيم الإحساس بالجمال، هو إحدى التوصيات اللافتة، وعنها قال عزت زين: هى تجربة تعاون بين الثقافة الجماهيرية والتربية والتعليم واستمرت 3 أعوام دراسية غير متتالية وعملت فيها مشرفا على إقليم القاهرة الكبرى بجانب عملى كموجه عام المسرح بالفيوم، وحقق نجاحا كبيرا على مستوى الوصول إلى إبداعات القرية، لذلك فإن عودته فى غاية الأهمية.
نسمع دائما عن بروتوكولات تعاون بين الوزارتين وهو أمر جيد جدا ولكنه لا يخلق حالة التعاون، بل يحتاج إلى التحرك نحو تفعيلها على أرض الواقع، لذلك كان اللقاء المباشر بين الوزارتين مُلحا، وأن تقدم «الثقافة» أوجه دعم محددة، وأن يكون لدى «التعليم» الاستعداد للتعاون.. هذا ما يتفق فيه زين قائلا: ما يضمن تنفيذ تلك الآلية ما أعلنه عادل حسان فى الحفل الختامى بإقامة مهرجان قومى سنوى للمسرح المدرسي، وأعتقد ان هذا المهرجان سيصبح الدافع والحافز لتنفيذ بروتوكولات التعاون الموقعة على أرض الواقع بشكل دائم وليس مرحليا، ولم يتحدد موعد المهرجان حتى الآن.
أزمة عجز المدرسين انعكست بطبيعة الحال على وجود أخصائيين للمسرح المدرسى لذلك كانت التوصية الأهم بأن يكون لطلبة أكاديمية الفنون وكليات الآداب وأقسام المسرح تدريب عملى بالمدارس بما يحقق نفعا للطرفين، فالطالب يطبق ما تعلمه من فنون وفى ذات الوقت سد العجز الذى تعانيه المدارس وهى خطوة عظيمة.

سبب الأزمة يكشفه زين: أحد القادة الكبار الذى كان مهتما بالبنية التحتية للفنون بالمدارس كان أنور عامر، ونجح فى تعيين 30 أخصائى تربية مسرحية كلهم من خريجى أكاديمية الفنون بداية التسعينيات، ولكن هذه الخطوة لم تتبعها خطوات مماثلة، وفى ذات الوقت هؤلاء الأخصائيون، لأن البيئة كانت طاردة أحيانا فى المدارس لجأوا إلى الانتداب لجهات أخرى أو العودة إلى الحاضنة الطبيعية لهم وهى وزارة الثقافة، ومع الوقت تقاعد الكوادر وأصحاب الخبرة دون أن يحل محلهم أحد.
ويضيف: أذكر أننى خلال عملى كموجه عام بالفيوم فى التسعينيات كان هناك 42 موجه تربية مسرحية بالإضافة إلى المشرفين، واليوم توجيه المسرح فى الفيوم لا يزيد على 10 أفراد نتيجة عدم تعويض المتقاعدين، وبالتالى من يتولى النشاط المسرحى فى الغالب هو مدرس اللغة العربية المحمل أساسا بما لايقل عن 24 حصة لمادته الأساسية أسبوعيا، وبالتالى فهو ليس لديه الوقت لإدارة هذه العملية بشكل يحقق فعالية، لذلك أعتقد أن التوصية بالتدريب العملى قادرة على تقديم حل جزئى أو مرحلى لتلك الأزمة.
تجربة الإمارات الشقيقة بتخصيص مادة أساسية للمسرح فى مناهج جميع الصفوف الدراسية، كانت حاضرة بقوة خلال المؤتمر من خلال شهادة الكاتب أحمد أبورحيمة مدير إدارة المسرح بدائرة الثقافة بالشارقة حول فعالية تلك التجربة فى إمارة الشارقة تحديدا، وهو ما يفيدنا فى حالة دراستها وتأمل أسباب نجاحها.. بينما يرى زين: حدث هذا فى مصر خلال فترة خدمتى بالتربية والتعليم وتم وضع مناهج وتخصيص درجات للأنشطة بما فيها نشاط المسرح، ولكن كل المشكلات المتعلقة بالتعليم فى مصر أثرت سلبيا على النشاط بكل فروعه، ومنها مثلا كثافة الفصول المرتفعة والمدارس التى اضطرت للعمل بنظام الفترتين والعجز فى هيئة التدريس وغيرها، وبالتالى إذا حُرم الطالب مثلا من مدرس أحد العلوم الأساسية فكيف أستطيع ان أوفر له مدرسا للنشاط؟!

وزارة التعليم حلت جزئيا أزمة عجز المدرسين من خلال التعاقد بنظام الحصة، وهو حل أضاف له عزت زين حلا آخر: يمكن أيضا الاستفادة من المتقاعدين المتخصصين فى المسرح لسد العجز فى مدرسى النشاط يوما فى الأسبوع، وأنا أول المتطوعين، ففى كل محافظات مصر أثق أن هناك الكثيرين مثلى لديهم الاستعداد لتقديم هذا الجهد عن طيب خاطر، وهى أن نتطوع ليوم واحد فى الأسبوع لكى نخطو خطوة للامام فى هذا الاتجاه لأنه فى رأيى هذا النشاط ليس مسألة ترفيه ولكنه مهم جدا لمواجهة أفكار وانحرافات خطيرة جدا قد يتعرض لها أى طالب لايجد ما يثرى وجدانه بما يمثل له قناعة ممارسة هذا النشاط والانجذاب لها بدلا من أن تجتذبه تيارات أخرى.
دعوات كثيرة وجهتها الهيئة العربية للمسرح إلى وزارتى التعليم والثقافة لتدريب عدد من متخصصى المسرح لخلق كوادر تستطيع أن تنتشر فى مدارس المحافظات لتدريب مشرفين آخرين وتوسيع دائرة الاستفادة، دون استجابة حقيقة.. وهو ما علق عليه زين: لم يناقش المؤتمر هذا الأمر لأنه الهيئة لم تكن ممثلة فيه، ولكن أتصور أن كل جهد فى هذا الإطار هو جهد مرحب به جدا، وأنا يهمنى جدا حاليا وجود أخصائى مسرح فى كل مدرسة وهو ما يحتاج للتدريب وبالتالى أتمنى الاستجابة لدعوة الهيئة بتدريب متخصصى المسرح.
ألقى المؤتمر حجرا لامعا فى المياه الراكدة بين وزارتى التعليم والثقافة فى مسألة المسرح المدرسى، أعاد الأمل للمهتمين، ومن بينهم عزت زين: بالفعل هو بارقة أمل كبيرة لتحقيق إنجاز يخص المسرح المدرسى لأن الأمر ليس بابا مغلقا وانما يتحقق متى توافرت الإرادة لحل المشكلة وفتح المجال العام لمناقشة القضية، فكم من احتفالات أقيمت لانطلاق المسرح المدرسى ولم يتم بعدها أى شيء، ولكن لا أتمنى هذا المصير لمؤتمر المسرح المدرسى، بل أن تتحول توصياته إلى ورقة عمل بأوقات زمنية محددة لأن المسرح المدرسى انتبه له أساتذتنا مثل زكى طليمات الذى كان أول مفتش للمسرح فى وزارة المعارف سنة 1936 ومحاولات عبدالله النديم وصلاح منصور وعدلى كاسب وغيرهم فهذا يعنى أن هذا المسرح كان موضع تخطيط من كبار المسرحيين المصريين ولم يكن شيئا هامشيا بل لتربية ذائقة فنية سواء كانوا مبدعين أو متلقين فازدهار المسرح المدرسى سيؤدى إلى ازدهار المسرح الجامعى وبالتالى الحركة المسرحية بأكملها.