كتب. هاني صيام
ها أنا أقف أمام صندوق الانتخاب، لا بيدي ورقة ، بل بمئات الأسئلة التي تتنازع عقلي وضميري معاً .
أسأل نفسي ، وأسألهم جميعاً : من أختار ؟
أأمنح صوتي لمن جُرِّبَ ولم يُثمر ؟ أم أراهن على وجهٍ جديد لا أعرف عن فكره إلا بريق الصور وزخرف الشعارات ؟
ذلك النائب السابق .. عرفناه بالاسم لا بالفعل .
سمعنا وعوده ، لكننا لم نرَ أثرها في شوارعنا المكسّرة ، ولا في مدارسنا المتهالكة ، ولا في مستشفياتنا المزدحمة .
أين كان حين احتجنا من يتكلم باسمنا ؟ أين كان حين علت أصوات الناس بالشكوى ؟
هل اختفى وراء جدران البرلمان أم ذاب بين حسابات المصالح ؟
هل يكفي أن يقول : ” لقد كنت هناك ” كي ننسي غيابه ، الا قُبيل موعد الدورة الجديدة ؟
ثم ألتفت إلى الوجوه الجديدة التي تملأ الشوارع بملصقاتٍ براقة وابتساماتٍ مصطنعة ، كأنها وُلدت فجأة يوم إعلان الترشح ؟!
أسألهم : من أنتم ؟
ما فكركم؟ ما هويتكم ؟ ما مشروعكم ؟
هل أنتم أصحاب مبدأ ، أم أصحاب فرصة ؟
هل تملكون رؤية أم مجرد جملٍ منمقة تُقال على المنصات وتُنسى بعد الفوز ؟
نحن الناخبين ، لسنا أرقاماً في صناديق . نحن نبض هذا الوطن الذي يتعب ولا ييأس ، ويُحب رغم الخيبات .
نريد من يقترب لا من يتعالى ، من يعمل لا من يتحدث ، من يؤمن أن النيابة تكليف لا تشريف ، ومسؤولية لا وجاهة .
لكن كيف نمنح الثقة ؟
هل نختار المجرب فنعود إلى الصمت ؟
أم نغامر بالمجهول فيعيدنا إلى الندم ؟
بين الخوف من القديم والريبة من الجديد ، تتأرجح أصواتنا كأوراقٍ في ريحٍ لا تعرف وجهتها .
يا أيها المرشحون ..
لسنا نطلب المستحيل . نريد فقط أن نصدقكم ، أن نراكم بيننا بعد الفوز ، أن نجد في كلامكم صدًى لأحلامنا لا صدى لمصالحكم .
قد تُخدع العيون بالبريق ، لكن القلوب تعرف من يعمل لها ومن يعمل عليها .
تبقى الحيرة سيدة الموقف ، ويبقى الأمل رغم كل شيء ، يتلمّس طريقه بين الشعارات والوعود .
ونبقى نحن ، أبناء هذا الوطن ، نحمل ورقة الانتخاب كأنها وصية ، ونقف أمام الصندوق في صمتٍ مرير، نهمس لأنفسنا :
” أريدُ حلًّا ..”
![]()
