بقلم د.مروة الليثي #دليلك للطمأنينة
الشخص النرجسي ليس مجرد إنسان مغرور أو محبّ لنفسه كما يظن البعض، بل هو مَن يعيش داخل مرآة ضخمة يرى فيها نفسه فقط. هو لا يرى الآخرين إلا كأدوات لخدمته، وكأن وجودهم في الحياة هدفه الوحيد هو تأكيد قيمته. قد يبدو في البداية جذابًا، لبقًا، واثقًا بنفسه، لكنه مع الوقت يُظهر وجهًا آخر مليئًا بالسيطرة، التقليل، والبرود العاطفي.
النرجسي يحتاج إلى الإعجاب المستمر، لكنه لا يتحمل النقد. يطلب الحب ولا يمنحه، يريد الاهتمام لكنه لا يهتم، يَجرح دون أن يشعر، ويبرر قسوته دائمًا بأنك “تبالغ” أو “حساس”. يعيش في عالم من تضخيم الذات، لا مكان فيه لمشاعرك الحقيقية.
علامات الشخص النرجسي
دائم الانتقاد للآخرين، خصوصًا حين ينجح أحدهم.
لا يتحمل المساءلة، ويحول أي نقاش إلى اتهام للطرف الآخر.
يظهر بصورة مثالية أمام الناس، بينما ينهك أقرب المقربين إليه نفسيًا.
لا يعتذر بصدق، بل يبرر أخطاءه أو يُشعرك بالذنب وكأنك السبب.
يسحب منك الثقة في نفسك تدريجيًا حتى تصبح خائفًا من رد فعله.
كيف تتعامل مع النرجسي؟
اعرف من أمامك جيدًا
أول خطوة هي الوعي. إدراك أنك تتعامل مع نرجسي يغيّر كل شيء. لا تنتظر منه تعاطفًا أو تغييرًا، ولا تفسّر أفعاله على أنها سوء تفاهم. هو هكذا، ولن يتغير إلا إذا أراد هو، وغالبًا لا يريد.
ضع حدودًا واضحة
النرجسي يختبر حدودك دائمًا. كل مرة تسكت فيها على تجاوز، يعتبرها إذنًا بالمزيد. لا تجادله كثيرًا، بل كن حازمًا في المواقف التي تخص كرامتك ووقتك ومشاعرك.
لا تدخل في دوامة الدفاع
النرجسي يتغذى على رد فعلك. حين تبرر أو تبكي أو تغضب، يشعر بالقوة. أفضل رد هو الهدوء، الصمت الواعي، وعدم الانفعال أمام محاولاته لإثارة مشاعرك.
احمِ نفسك نفسيًا
التعامل مع نرجسي يُرهق النفس. لذلك لا تجعل محور حياتك هو “إصلاحه”. ركّز على نفسك، على شغفك، على علاقتك بالله وبالناس الطيبين.
افصل العاطفة عن الواقع
كثيرون يبقون في علاقة مؤذية لأنهم “يحبون النرجسي”. لكن الحب الحقيقي لا يُطفئك. إن كان وجوده يُضعفك، فابتعد. البعد في هذه الحالة ليس قسوة، بل نجاة.
الخلاصة
الشخص النرجسي قد يبدو واثقًا، لكنه في الحقيقة هشّ من الداخل. يعيش طوال حياته يبحث عن الإعجاب لأن داخله فراغًا لا يُملأ. لا يمكنك أن تملأه أنت، ولا الحب يكفيه، ولا التضحية تُرضيه.
إنقاذ النرجسي ليس مسؤوليتك، لكن إنقاذ نفسك منها واجبك.
