متابعة _ عبدالرحمن شاهين
أصدرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “الفاو”، تقريرا، اليوم الثلاثاء، أكدت فيه قلة عدد العراقيين الذين استطاعوا استئناف أنشطتهم الزراعية في أماكن معيشتهم الأصلية بعد تخلص البلاد من سيطرة تنظيم داعش.
ويحمل التقرير الصادر، عنوان: “هل سيعود المزارعون العراقيون النازحون إلى الزراعة؟”، وأعدته “الفاو” بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة، وحصلت “الشروق” على نسخة منه.
ويستند التقرير، إلى بيانات جمعت في عام 2020 من 774 أسرة معيشية كانت تزاول الزراعة قبل عام 2014، وأجبرت بعد ذلك على النزوح بسبب النزاع.
وخلُصت هذه الدراسة، إلى أنّ أسرة معيشية واحدة فقط تقريبًا من بين كل 4 أسر معيشية زراعية، قد عادت إلى مناطقها الأصلية في عام 2020، أي بعد 6 سنوات من إعلان البلاد دحر تنظيم (داعش)، “الذي عاث فسادًا ودمر أصولا تقدر بالمليارات في مناطق تُعد سلة الخبز في العراق”.
وأوضح التقرير، أن نسبة المزارعين النازحين الذين تمكنوا من استئناف أنشطتهم الزراعية أقل بكثير؛ بسبب المخاوف المرتبطة بالأمن والخسائر في أصولهم، وصعوبة الوصول إلى الأسواق المحلية للمنتجات الزراعية والغذائية، والحصول على قروض.
وتابع: “استنادًا إلى آخر التقديرات الحكومية، تحسّن حجم العودة ووتيرتها بشكل ملحوظ في السنوات القليلة الماضية”.
ويستهدف التقرير، إرشاد واضعي السياسات بصورة وافية بشأن مجالات الدعم المهمة على صعيدي السياسات والاستثمارات؛ للتوصل إلى حلول دائمة لصالح الأسر الزراعية النازحة، بحسب ما أفاد به أحمد سعد الدين من شعبة اقتصاد النظم الزراعية والغذائية في المنظمة والمؤلف الرئيسي للتقرير.
وتشير نتائج الدراسة، التي يُبنى عليها التقرير، إلى نتائج بديهية تنسحب على سائر الحالات التي تلي النزاعات في جميع أنحاء العالم، وهي أنّ استعادة الأمن وإعادة بناء الأصول الزراعية والبنية التحتية، تمثّل ضرورات ملحّة للمزارعين ليتمكّنوا من استئناف أنشطتهم الزراعية، “ولن تكون العودة مستدامة من دون تحسين الظروف المحلية في المناطق التي فرّ منها السكان”.
وركّزت الدراسة، على 7 محافظات تمثل ما يقارب من ثلثي إجمالي المساحات المزروعة بالمحاصيل في البلاد وتنتج النسبة الأعلى من القمح في العراق، وهي: الأنبار وبابل وبغداد وديالا وكركوك ونينوى وصلاح الدين”، “يُعد الدمار الهائل الذي لحق بأصول المزارع وضعف الوصول إلى التمويل والخدمات الإنتاجية في الأسواق، عوامل رئيسية تحول دون عودة الأسر المعيشية واستعادة سبل عيشها الزراعية، إلى جانب المخاوف الأمنية” وفق التقرير، وفقدت الأسر المعيشية الزراعية في المتوسط نحو 83% من أصولها الزراعية.
غير أنّ التقرير، خلُص إلى أنها قادرة على استئناف الزراعة في حال توفرت لها قروض معقولة الكلفة، وبرامج لتنمية القدرات، بل سيتمكن عدد أكبر بكثير من المزارعين من القيام بذلك، إذا كانت لديهم الموارد اللازمة لتلبية احتياجاتهم الأساسية.
وباتت الآن الوظائف والأعمال التجارية غير الزراعية وغير النظامية والعمالة في القطاع العام، توفر نسبة تزيد عن 80% من دخل الأسر المعيشية الريفية العائدة، فيما انخفضت بشكل كبير نسبة الأسر المعتمدة على الزراعة.
وفي الوقت نفسه، تجاوزت نسبة البطالة في المناطق الحضرية في العراق نسبتها في المناطق الريفية، ما يبرز المنافع الأوسع نطاقًا المترتبة على استعادة سبل العيش الريفية.
وأفاد التقرير، بأنّ الاستثمار في الزراعة من شأنه أن ينشئ مصادر دخل أكثر استقرارًا وأن يتيح فرصًا أمام سكان الأرياف للبقاء في مناطقهم الريفية عوضًا عن الهجرة إلى المدن.