كتب: عمرو جمال
إسرائيل بدأت غزوًا بريًا للبنان، فى وقت مبكر من صباح أمس الثلاثاء، وكثير من العرب والمتابعين للتطورات فى المنطقة منذ بداية العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضى يسألون:
أين اختفت الدفاعات الجوية فى لبنان وسوريا واليمن؟
وفى كل المواقع المحسوبة على الدول والجماعات المؤيدة والداعمة للمقاومة الفلسطينية؟!
هذا سؤال منطقى يسأله كثيرون، يسألون أيضًا: كيف يمكن للطيران الإسرائيلى أن يعيث فسادًا وبلطجة فى الأجواء العربية من دون أن يجد من يصده أو يردعه؟!
لا نستطيع أن نلوم المقاومة الفلسطينية لعدم امتلاكها وسائل دفاع جوى، لأن إسرائيل كانت طوال الوقت إما تحتل الضفة وإما تحاصر قطاع غزة، وهى تحتله بالكامل الآن، وتقوم بتدمير أى وسائل قتالية تحاول المقاومة أن تمتلكها، ثم إن وسائل الدفاع الجوى معظمها مستورد من الخارج وبالتالى يصعب إلى حد كبير ادخالها إلى الأراضى الفلسطينية مقارنة بالصواريخ أو الاسلحة التى يمكن تصنيعها محليًا.
إذا كان هذا الأمر يجوز بالنسبة للمقاومة الفلسطينية التى تتعرض لاستهداف إسرائيلى طوال الوقت، فما التبرير بالنسبة لحزب الله أو لسوريا أو لليمن التى لا تخضع لحصار إسرائيلى؟!
إسرائيل تسيطر على الأجواء اللبنانية والسورية بصورة شبه مطلقة، وهى تستبيح الأجواء اللبنانية وتقصف فى كل مكان ليس فقط فى الجنوب أو فى الضاحية الجنوبية من العاصمة، لكنها تخطت ذلك إلى شمال العاصمة، كما حدث فى كسروان.
السؤال الذى يسأله كثيرون أيضًا: إذا كانت الحدود البرية والجوية والبحرية للبنان ليست خاضعة للحصار الإسرائيلى، وإذا كان حزب الله قد تمكن من إدخال ١٥٠ ألف صاروخ، كما يُقال أو يُشاع، فلماذا لم يتمكن من الحصول على وسائل دفاع جوى تردع المقاتلات الإسرائيلية من الاستهداف الممنهج للأجواء اللبنانية؟!
وقد يدافع مدافع عن حزب الله، ويقول إن إسرائيل كانت تستهدف ما يصل إليه من وسائل قتالية خصوصًا الدفاع الجوى، فما التبرير لعدم وصول هذه الوسائل لسوريا، وكيف يمكن لإسرائيل أن تنفذ قصفًا جويًا لمواقع سورية طوال السنوات الماضية، من دون أى رادع حقيقى، وكيف لم تتمكن من الحصول على هذه الوسائل من إيران أو روسيا التى تتواجد لها قوات وقواعد فى سوريا، أم أن هناك اتفاقًا غير مكتوب بين موسكو وتل أبيب بعدم تعرض الدفاع الجوى الروسى للمقاتلات الإسرائيلية فوق الأجواء السورية؟
وكيف تقوم المقاتلات السورية بقصف مواقع للتنظيمات الإرهابية والمتمردة فى حلب وأدلب، ولا ترد على الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة؟!
نفس السؤال ينطبق على القصف الجوى الأمريكى البريطانى الإسرائيلى للمناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين فى اليمن، وأين الدفاعات الجوية اليمنية أو حتى الإيرانية؟!
وكيف صارت كل أجواء البلدان التى تطلق على نفسها «الممانعة» أو المقاومة مفتوحة ومنكشفة بهذا الشكل الخطير أمام المقاتلات والمسيرات الإسرائيلية من دون أن تتمكن وسائل الدفاع الجوى من التعرض لها «إلا قليلًا».
والسؤال الأهم: أين هو التطبيق العملى لمصطلح «وحدة الساحات»؟!
كانت إيران تقول إن ساحات المقاومة موحدة من حزب الله فى لبنان إلى الحوثيين فى اليمن الى الحشد الشعبى فى العراق إلى الفصائل الداعمة لها فى سوريا الى حماس والجهاد فى فلسطين؟
وبالتالى فمن حق الجميع أن يسأل هل يمكن أن أدخل حربًا ضد إسرائيل، وأنا لا أملك الحد الأدنى من وسائل الدفاع الجوى، فى ظل أن الطريقة الإسرائيلية تقوم على قصف جوى مستمر يدمر كل شىء أمامه، قبل أن يفكر فى التوغل والغزو البرى؟!
العدوان الإسرائيلى المستمر منذ ٦ أكتوبر الماضى على غزة، والآن على لبنان كشف الكثير من الحقائق وأسقط الكثير من الأوهام.
على إيران وحلفائها أن يقدموا تفسيرًا لهذا الانكشاف الخطير إلا إذا كانوا يعدون لمفاجأة مدوية لم نرَ أثرًا لها حتى الآن.
درس الأيام الماضية أن على الجميع سواء كان معتدلًا أو متشددًا أن يقرأ المشهد بعناية، ويستعد بجدية ويدرس إمكاناته الفعلية، لأننا بصدد طوفان صهيونى مدعوم أمريكيًا وغربيًا يخطط أن يجرف المنطقة بأكملها، ويعيد رسمها وهندستها من جديد