يبدأ الطلاب البحث عن كليات 2025، مع الإعلان عن نتائج الثانوية العامة 2025، برزت ظاهرة لافتة على ساحة التعليم الجامعي في مصر: تراجع واضح في المجاميع المرتفعة التي كانت تميز “كليات القمة”، وعلى رأسها كليات الطب والهندسة، وهو ما يطرح تساؤلات جادة: هل انتهى عصر الـ98% والـ100%؟ وما الأسباب التي تقف وراء هذا التحول المفاجئ في خريطة القبول الجامعي؟
كليات القمة تحت ضغط التراجع.. مؤشرات رقمية واضحة
أظهرت المؤشرات الأولية لتنسيق المرحلة الأولى للعام 2025 أن الحد الأدنى المتوقع للقبول بكلية الطب البشري لن يتجاوز 93.2%، مقارنةً بـ 95.4% قبل ثلاث سنوات، بينما سجلت كلية الهندسة تراجعًا حادًا إلى نحو 88.6%، وهو أدنى مستوى لها منذ أكثر من عقد.
كذلك انخفضت نسب القبول في كليات الصيدلة وطب الأسنان والعلاج الطبيعي، والتي لطالما احتفظت بمكانة خاصة لدى طلاب شعبة علمي علوم، ليقترب بعضها من حاجز 91% بعد أن كانت تقترب من 97% في سنوات ماضية.

لماذا تراجعت المجاميع؟ ثلاثة أسباب رئيسية
أولًا: صعوبة الامتحانات وتوزيع الأسئلة
أحد أبرز الأسباب يعود إلى طبيعة امتحانات الثانوية العامة هذا العام، والتي اتسمت بدرجة أكبر من الصعوبة، مع الاعتماد على أسئلة الفهم والتحليل بدلاً من الحفظ المباشر. وهو ما أثر على قدرة الطلاب في تحقيق الدرجات النهائية، خاصة في المواد العلمية، بحسب خبراء تعليم لـ”الجمهور”.
ثانيًا: توزيع الدرجات وتحديث نماذج التصحيح
اعتمدت وزارة التربية والتعليم نظامًا أكثر صرامة في تصحيح أوراق الإجابة، مع تطبيق التصحيح الإلكتروني بنسبة كاملة، ما حدّ من فرص المجاملة أو “الدرجات الزائدة”. كما تم ضبط توزيع الدرجات بشكل يقلل من احتمالية تجميع الطلاب للدرجات النهائية بسهولة، مما أفرز قاعدة أكثر اتساعًا من المجاميع بين 85 و93%.
ثالثًا: قرارات التعليم وتقليص ظاهرة “النفخ”
خلال العامين الماضيين، اتجهت الوزارة نحو ضبط عملية التقييم بالكامل، من خلال سياسات تستهدف القضاء على ظاهرة “النفخ” أو رفع المجاميع غير الواقعية، بما يعكس أداء الطالب الحقيقي. وقد أكد الدكتور رضا حجازي، وزير التربية والتعليم السابق، أن الهدف هو استعادة الثقة في شهادة الثانوية العامة ومنع تضخم المجاميع دون مبرر أكاديمي.

التأثير على خريطة التنسيق واختيارات الطلاب
انعكس هذا التراجع في المجاميع على توجهات الطلاب نحو الكليات. فبينما كانت كليات الطب والهندسة مقصدًا حصريًا لطلاب القمة، باتت كليات مثل الحاسبات والمعلومات، والذكاء الاصطناعي، والعلوم الطبية التطبيقية، تجذب أصحاب المجاميع المرتفعة الذين يبحثون عن تخصصات تواكب سوق العمل.
كما أصبح الطلاب أكثر واقعية في اختياراتهم، مدفوعين بالتحولات الاقتصادية ومتطلبات التوظيف، مما قلل من الضغط التقليدي على كليات القمة.

هل انتهى عصر الـ100%؟
في ظل السياسات الجديدة لوزارة التعليم، والاعتماد الكامل على التصحيح الإلكتروني، يُتوقع أن يستمر تراجع المجاميع المرتفعة خلال الأعوام المقبلة. وقد يكون هذا التوجه بداية لعصر جديد من التنسيق، يقوم على التوزيع الطبيعي للمجاميع، وليس على التضخم المفتعل في النتائج.
النتيجة: لم يعد الوصول إلى كلية مرموقة مرهونًا بالحصول على 100%، بل أصبح مرهونًا بتخطيط واقعي، واختيار ذكي لتخصص يلائم مهارات الطالب وسوق العمل في آنٍ واحد.