✍️ بقلم الكاتب والسياسي سيد الأسيوطي

 

عزيزي المواطن الفيسبوكية،
قبل أن تكتب منشورًا أو تضغط “مشاركة” لخبر مشكوك في صحته، اسأل نفسك: هل تدرك حقًا معنى الدولة؟

الدولة ليست صفحة على موقع افتراضي، ولا “تريند” ينتشر أيامًا ثم يختفي. الدولة ليست نكتة تُضحكك، ولا شائعة تُربكك. الدولة أكبر وأعمق وأغلى من كل ذلك.

الدولة هي أرض وشعب ومؤسسات. هي حدود صانتها دماء الشهداء، واقتصاد يصمد رغم العواصف، وجيش وأجهزة أمنية تحمي كيانك ووجودك، وقضاء يضمن الحقوق ويصون العدالة. الدولة تاريخ ممتد في الجذور، وحاضر يُبنى بكدّ أبنائها، ومستقبل يليق بكرامة أمة عريقة.

إذا نظرنا إلى التاريخ، نجد أمثلة صارخة لدول انهارت وشعوب ضاعت، فقط لأنها لم تُدرك قيمة الدولة ولم تحافظ على مؤسساتها:

ليبيا، حين غاب الوعي وسقطت أركان الدولة، تحولت الأرض إلى ميليشيات متصارعة.

العراق، حضارة آلاف السنين، سقطت فريسة للاحتلال والانقسام.

سوريا، بلد التاريخ العريق، تمزق بفعل مؤامرات خارجية وخيانات داخلية.

السودان، الذي تمزق بفعل الانقسامات والتجاذبات حتى وصل إلى شقاق وصراعات لا تنتهي.

وفي المقابل، هناك دول صمدت وازدهرت لأنها آمنت بمعنى الدولة وتمسكت بوحدتها:

فيتنام نهضت من تحت أنقاض الحرب لأنها أدركت أن وحدتها أقوى من جراحها.

ألمانيا تحولت من دمار الحرب العالمية الثانية إلى قوة اقتصادية بفضل وعي شعبها وانضباطه.

اليوم، تتعرض مصر لضغوط سياسية واقتصادية وإعلامية شرسة تحاول ضرب ثقة المواطن وتُربك وعيه، لكن الجبهة الداخلية الوطنية صامدة، وهي حائط الصد المنيع أمام كل مؤامرة. المعركة اليوم ليست مجرد صراع سياسي أو إعلامي، بل أصبحت معركة وعي شعبي وطني يحدد مستقبل مصر.

وهنا يبرز دور كل مواطن واعي : أن يعمل عقله قبل التصديق، وأن يتحقق من المعلومة قبل نشرها، وأن يدرك أن الكلمة قد تكون جسرًا للبناء أو خنجرًا للهدم.

إلى كل من يظن أن الدولة تُهزم بإشاعة أو منشور، فأنتم واهمون. مصر ليست ملعبًا لأحقادكم، ولا ورقة في صفقاتكم. هذه الدولة التي صمدت آلاف السنين ستبقى شوكة في حلق كل متآمر، وحصنًا منيعًا أمام كل خائن.

الدولة لا تسقط بالإشاعات، ولا تُهزم بمنشور، ولا تُباع في سوق الوهم. الدولة تبقى ما دام أبناؤها أوفياء، وما دام وعيهم حاضرًا، وما داموا مواطنين واعين يحرسون الوطن بالكلمة والفعل.

فلنكن جميعًا حائط الصد، ولنحمي وطننا بالوعي والفعل قبل كل شيء. مصر أكبر من الأوهام الافتراضية، وأقوى من ألاعيب الخونة والعملاء، وأبقى من كل المؤامرات. مصر دولة راسخة… والدولة لا تختزل في منشور على “فيسبوك”، ولا يقاس وجودها بترهات الحاقدين.

حفظ الله الوطن، وتحيا مصر بوحدتها دائمًا وأبدًا رغم أنف المفسدين والحاقدين والمتربصين.

Loading

By عبد الرحمن شاهين

مدير الموقع الإلكتروني لجريدة الأوسط العالمية نيوز مقدم برنامج اِلإشارة خضراء على راديو عبش حياتك المنسق الإعلامي للتعليم الفني