د.مروة الليثي #دليلك للطمأنينة
في زحمة الحياة اليومية، تظهر فئة من الناس يلفتون الأنظار دون أن يقصدوا: أولئك الذين لا يتوقفون عن الشكوى، أو الذين يعيشون أسرى اللوم المستمر. ورغم اختلاف الأسلوب بين الفريقين، فإن النتيجة واحدة: طاقة مُهدرة، وحياة لا تتغير.
أولًا: أسرى الشكوى المتكررة
تتسم هذه الفئة بقدرتها على إعادة رواية المعاناة نفسها عشرات المرات. يشكون من العمل، ومن الظروف، ومن الآخرين، ومن كل ما يبدو خارج سيطرتهم.
ورغم أن الشكوى تمنحهم لحظة تنفّس مؤقتة، فإنها لا تقود إلى أي خطوة فعلية لتحسين الواقع. تتحول الشكوى من وسيلة للتعبير إلى أسلوب حياة، ومن عادة إلى هوية… فيجد الإنسان نفسه محاصرًا بدور “الضحية” الذي لا يملك القوة لتغيير أي شيء.
ثانيًا: سجناء اللوم الدائم
على الجانب الآخر يقف كثيرو اللوم. هؤلاء الذين يوزّعون الاتهامات على الجميع: الأسرة، الزملاء، الظروف، وحتى الزمن. يعتقدون دائمًا أن الخطأ خارجهم، وأن فشلهم نتيجة قرارات الآخرين.
ورغم أن اللوم يمنحهم شعورًا لحظيًا بالراحة، فإنه يضعهم داخل حلقة مغلقة لا يستطيعون الخروج منها. فالإنكار المستمر يمنعهم من رؤية الدور الحقيقي الذي يمكن أن يغيّر حياتهم.
النتيجة المشتركة: توقف كامل عن النمو
سواء كان الشخص كثير الشكوى أو كثير اللوم، فهو في النهاية يختار أن يكون متفرّجًا على حياته بدلًا من أن يكون صانعًا لها.
يظل واقفًا في المكان نفسه، يكرر الكلام نفسه، يروي الحكاية نفسها، دون خطوة واحدة إلى الأمام.
الطاقة تُستهلك، والعمر يمضي، والواقع يبقى كما هو.
كيف نكسر هذه الدائرة؟
تحويل الشكوى إلى قرار: بدل الحديث عن الألم، ننتقل إلى السؤال: ما أول خطوة نحو الحل؟
تحويل اللوم إلى مسؤولية: بدل تعليق الخطأ على الآخرين، نعيد النظر في دورنا الحقيقي.
تعديل اللغة اليومية: الكلمات التي نكررها تصنع الطريقة التي نرى بها حياتنا.
الاعتراف بالواقع: مواجهة النفس هي أول أبواب التغيير.
الخاتمة:
الحياة لا تتغير بكثرة الشكوى، ولا تتحسن بكثرة اللوم. التغيير يبدأ حين ندرك أن مسؤولية حياتنا بين أيدينا نحن، لا في يد الظروف ولا الآخرين.
الراحة الحقيقية تأتي مع الفعل… والقوة تولد حين نتوقف عن تكرار الألم ونبدأ في تجاوزه.
![]()
