بقلم: زكريا كرش
من علي عبدالمغني حتى اليوم… إب تدفع ثمن الجمهورية
طوال أكثر من عشرة أعوام، وسلسلة الانتهاكات التي تمارسها مليشيا الحوثي ضد المواطنين اليمنيين لا تزال متواصلة: قتل، اعتقالات، اختطافات، وترويع… لم يعد الأمر مفاجئًا لأحد؛ فهذه هي أدواتهم المعتادة في كسر إرادة الناس ومنعهم من مجرد التفكير في الاعتراض.
ومن بين كل المناطق التي تخضع لسيطرة الحوثيين، تبقى محافظة إب هي الأشد تضررًا. فقد تصدّرت قائمة المحافظات اليمنية من حيث عدد المعتقلين. ووفقًا لتقارير حقوقية وشهادات محلية، فإن عدد المختطفين والمعتقلين في إب، سواء الموثقين أو غير الموثقين، يتراوح بين 5,000 إلى 7,000 شخص.
يشمل هذا الرقم مواطنين عاديين، معلمين، طلاب، علماء دين، سياسيين، ناشطين، إعلاميين، وصحفيين – من بينهم أقارب وأصدقاء وجيران ومعارف.
سلسلة الانتهاكات مستمرة، ومن بين المعتقلين من اختفوا كليًا، ومنهم من أُفرج عنهم بعد تعذيب نفسي وجسدي، يتبع ذلك إرغامهم على توقيع تعهدات خطية بعدم التفكير – مجرد التفكير – في معارضة المليشيا.
يتم تهديدهم صراحة بأن دماءهم مهدورة سلفًا، وأن أي خرق لتلك التعهدات سيكون ثمنه حياتهم. المحظوظ يخرج، والباقون يبقون في غياهب السجون، وقد لا يعودون أبدًا.
وغدًا، إذا صادفت أحد المفرج عنهم وهو يردّد الصرخة، أو يدافع عنهم، فلا تهاجموه ولا تجرّموه؛ فقد يكون ذلك شرطًا فُرض عليه لنيل حريته.
هكذا تفرض مليشيا الحوثي سطوتها:
“أن تكون معنا، أو لا تكون.”
لا وسطية، لا حرية، لا حقّ في التعبير، لا ولاء إلا لهم… وإلا، فالسجن أو الموت.
ويبقى السؤال مطروحًا:
لماذا محافظة إب تحديدًا تسجّل أعلى معدل اعتقالات؟
الجواب يكمن في خوف الحوثيين من تكرار ثورة 26 سبتمبر 1962، الثورة التي أطاحت بأجدادهم من الحكم الإمامي الوراثي، وكان أحد رموزها الشهيد علي عبدالمغني – ابن محافظة إب، وأول شهيد في تلك الثورة المجيدة.
ولهذا، فإن حقدهم على المناطق الوسطى – وعلى إب تحديدًا – واضح مهما حاولوا إخفاءه.
لن تتحرر اليمن من جبروت هذه الجماعة إلا برجال من طراز:
السلال، جزيلان، عبدالمغني، والزبيري… جسّدوا الثورة في ميادينها المختلفة: السلاح، السياسة، الفكر، والتضحية وغيرهم من القادة الوطنيين.
فاليمن ستكون آمنة بغيابهم، لا بوجودهم.
وفي الختام،
الحرية للمعتقلين المظلومين… ولا نامت أعين الجبناء.
