كتب _ عبدالرحمن شاهين

الإعلان والأعمى
جلس رجل أعمى على رصيفٍ في أحد الشوارع، ووضع قبّعته أمامه، وبجانبه لوحة مكتوب عليها: “أنا رجلٌ أعمى، أرجوكم ساعدوني”، فمرّ رجل إعلانات بالشارع الذي يجلس فيه الأعمى، فوجد أنّ قبّعته لا تحتوي سوى على القليل من المال، فوضع بعض النقود في القبّعة، ثمّ -ودون أن يستأذن الأعمى- أخذ اللوحة التي بجانبه وكتب عليها عبارةً أخرى، ثمّ أعادها إلى مكانها وغادر. بدأ الأعمى يلاحظ أنّ أنّ قبّعته امتلأت بالنقود، فعرف أنّ السبب هو ما فعله ذلك الرجل بلوحته، فسأل أحد المارة عمّا كُتب على اللوحة، فكانت الآتي: “إنّنا في فصل الربيع، ولكنّني لا أستطيع رؤية جماله!”.

من فنون الأدب اختيار اللفظ المناسب ..
حتى قالوا:
« لكل مقـام مقـال ».

فيقال للمريض “معافى”،
و للأعمى “بصير” ،
و للأعور “كريم العين”،
و كان هارون الرشيد قد رأى في بيته ذات مرة حزمة من الخيزران،
فسأل وزيره الفضل بن الربيع:
ما هذه ؟.
فأجابه الوزير: عروق الرماح يا أمير المؤمنين.
أتدرون لماذا لم يقل له: إنها الخيزران؟
لأن أم هارون الرشيد كان اسمها “الخيزران”، فالوزير يعرف من يخاطب؛ فلذلك تحلى بالأدب في الإجابة.

و أحد الخلفاء سأل ابنه من باب الاختبار : ما جمع مسواك ؟
فأجابه ولده بالأدب الرفيع : (ضد محاسنك يا أمير المؤمنين).
فلم يقل الولد: (مساويك) لأن الأدب هذّب لسانه، وحلّى طباعه.

و خرج عمر- رضي الله عنه- يتفقد المدينة ليلا، فرأى نارا موقدة، فوقف، وقال : يا أهل الضَّوء، وكره أن يقول: يا أهل النَّار.

و لما سُئِل العباس- رضي الله عنه، وعن الصحابة أجمعين:
أنت أكبر أم رسول الله -صلى الله عليه وسلم – ؟.
فأجاب العباس قائلا :
(هو أكبر مني، و أنا ولدت قبله).
ما أجملها من إجابة في قمة الأدب لمقام رسول الله -عليه الصلاة والسلام-!.

الحكمة
إن اختيار الألفاظ قيمة ضاعت للأسف فى مجتمعاتنا ..
وأصبح بعضنا يبرر ذلك لنفسه ببعض الكلام مثل: أنا صريح، و أنا أتكلم بطبيعتى، أو أنه بذلك يبتعد عن النفاق.
والحقيقة أن هناك فرقا كبيييرا جدا بين النفاق، ومراعاة مشاعر الآخرين ، وبين الصراحة، والوقاحة.

يجب أن نعي جيدًا أن بين كسر القلوب وكسبها خيطًا رفيعًا اسمه “الأسلوب”.


Loading

By عبد الرحمن شاهين

مدير الموقع الإلكتروني لجريدة الأوسط العالمية نيوز مقدم برنامج اِلإشارة خضراء على راديو عبش حياتك المنسق الإعلامي للتعليم الفني