خلال الفترة من 21-22 فبراير الجاري قام رئيس جمهورية أوزبكستان شوكت ميرضيائييف بزيارة رسمية لمصر، وذلك بدعوة من رئيس جمهورية مصر العربية عبد الفتاح السيسي.
لقد أصبحت زيارة رئيس جمهورية أوزبكستان لمصر تمثل حدثا تاريخيا في تطور العلاقات بين البلدين، مما يسهم إسهاما كبيرا في الدفع بالقدرات الحضارية الثقافية والاقتصادية والسياسية فى البلدين. كما تشكل مبادئ احترام القيم الإنسانية العالمية والقواسم المشتركة التاريخية والثقافية، أساساً متيناً لأواصر الأخوة والصداقة بين شعبينا.
ويجسد الحوار السياسي الصادق والموثوق به بين رئيسي الدولتين الأساس لتنمية العلاقات متعددة الأطراف.
يعود التعاون الودي بين أوزبكستان ومصر إلى تاريخ ثرى موغل فى القدم. إذ يعد التراث العلمي لأسلافنا، الذين عاشوا وعملوا في بلاد ما وراء النهر ومصر، رصيدا لا يقدر بثمن للعالم الإسلامي بأسره. فعلى سبيل المثال، فى عام 861، شيد عالم الفلك الكبير أحمد ابن كثير الفرجاني مقياسه الشهير على نهر النيل لقياس منسوب المياه، والذى يسمى – مقياس النيل، وهو أقدم أثر إسلامي في مصر ومنارة لرصد الفيضانات، وساهم على مدى قرون طويلة فى تطور وتنظيم الزراعة للشعب المصرى. وأصبح النصب التذكاري الذي أقيم تكريما لأحمد الفرجاني في القاهرة على ضفاف النيل رمزا للصداقة العريقة بين شعبينا.
وقد بدأت الزيارة الرسمية لرئيس دولتنا إلى مصر بوضع إكليل من الزهور عند النصب التذكارى لأحمد الفرجاني، لتكتسب معنى رمزيا خاصا، يؤكد على عمق العلاقات الحالية وفى المستقبل مع البلد الذى يكرم تراث الأجداد.
عبر السنوات الأخيرة، لوحظ تكثيف للتعاون فى العلاقات البرلمانية، والروابط بين مختلف الهيئات فى البلدين، وكذلك بين ممثلي مجتمع رجال الأعمال.
وعلى وجه الخصوص، تعمل مجموعات الصداقة من خلال برلماني أوزبكستان ومصر، وقد تم وضع الآلية الخاصة بالمشاورات السياسية المنتظمة بين وزارتي الخارجية. وتبذل اللجنة الأوزبكية المصرية المشتركة ومجلس الأعمال الأوزبكي المصري جهودا حثيثة لتعزيز تطور العلاقات الاقتصادية.
في الوقت نفسه، قامت أوزبكستان ومصر بالتنسيق بينهما فى التعاون الفعال في إطار الهياكل الدولية، مثل الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية، ومجلس التعاون وتدابير بناء الثقة في آسيا، ومنظمة شنغهاي للتعاون. وكذلك الدعم المتبادل من البلدين للمبادرات التى يتقدم بها كل منهما.
وتتمتع البلدان برؤى متشابهة أو قريبة لحل معظم المشاكل الإقليمية والعالمية. ويولي البلدان اهتماما خاصا لتكثيف التعاون بينهما في إطار الهياكل الدولية.
وقد شملت الزيارة المحادثات بين رئيسي البلدين في دائرة ضيقة، وكذلك على نحو موسع. وأبدا الرئيسان اهتماما خاصا نحو القضايا الأمنية، وناقشا بالتفصيل قضايا التعاون في مكافحة الإرهاب، والتطرف والهجرة غير الشرعية، وتهريب المخدرات والجريمة المنظمة العابرة للحدود، وغيرها من التهديدات الأخرى.
وخلال المحادثات بين رئيسي أوزبكستان ومصر بشكل موسع، كان الاهتمام الرئيسي منصبا نحو تطوير التعاون في مجالات التجارة والاستثمار، والاستخدام الواسع والفعال لقدرات بلدينا لهذا الغرض.
وحيث أن التعاون الاقتصادي يمثل أحد المكونات الحيوية للعلاقات بين الدولتين، فقد أعربت المحادثات عن وجهة النظر بضرورة مواصلة الجهود لتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين، وزيادة حجم التجارة بينهما. كما جرى التأكيد على وجود الإمكانات الهائلة غير المستغلة فى البلدين، والتى يمكن استخدامها لمضاعفة حجم التجارة الثنائية في السنوات القادمة.
وقد تم تكليف الإدارات المسؤولة في الدولتين، لخلق الظروف المواتية للتبادل التجارى والتنويع الكامل لهيكل التجارة، وزيادة حجمها.
وقد أثمرت نتائج منتدى ممثلي الأعمال في البلدين، الذي عقد في إطار زيارة الوفد الأوزبكي، عن التوصل إلى اتفاق حول تنفيذ عدد من المشاريع الاستثمارية المشتركة، في مجالات الطاقة والتعدين والأدوية والصناعات الغذائية، وذلك بقيمة 1.6 مليار دولار.
كما أثمرت الزيارة عن نتائج ايجابية خاصة بالتعاون في المجال الثقافي والإنساني. وتم الاتفاق على مواصلة التعاون النشط بين جامعة الأزهر ومعاهد البحوث الأخرى في مصر، وبين الأكاديمية الإسلامية العالمية ومركز الإمام البخاري الدولي للبحوث ومركز الحضارة الإسلامية في أوزبكستان.
وتناولت المحادثات رفيعة المستوى قضايا زيادة عدد الفعاليات الثقافية المشتركة، وتعزيز التعاون في مجالات التعليم والعلوم، والرعاية الصحية والسياحة والثقافة والرياضة، وغيرها من المجالات.
كما أثمر الاجتماع بين مجتمع رجال الأعمال في البلدين، عن اعتماد “خارطة طريق” مشتركة، لتنفيذ المشاريع المشتركة، والنهوض بزيادة التعاون التجاري والاستثماري.
وتضمن البيان المشترك لرئيسي البلدين، والذى تم إقراره عقب المحادثات، التأكيد على أهمية تطوير التعاون على نطاق واسع بين أوزبكستان ومصر. كما تم التأكيد فى فقرة خاصة ترحيب الجانب الأوزبكي بانضمام مصر إلى منظمة شنغهاي للتعاون بصفتها “شريك في الحوار”، وأعرب عن استعداده لمواصلة المشاورات المتبادلة داخل إطار المنظمة.
وعلى الرغم من البعد الجغرافى بينهما، فإن أوزبكستان ومصر ترتبطان بالعديد والكثير من القواسم التاريخية والثقافية المشتركة، وأواصر الصداقة العميقة والتعاون الوثيق. وتمثل زيارة رئيس أوزبكستان إلى مصر أهمية خاصة، حيث أنها تدفع نحو تعزيز العلاقات طويلة الأمد القائمة والتى تستند على متطلبات اليوم.

بقلم السفير: غلام الدين نجموف
المستشار الاعلامي لمركز الدبلوماسية الشعبية،
التابع لمنظمة شنغهاي للتعاون.
طشقند – اوزبكستان

Loading

By عبد الرحمن شاهين

مدير الموقع الإلكتروني لجريدة الأوسط العالمية نيوز مقدم برنامج اِلإشارة خضراء على راديو عبش حياتك المنسق الإعلامي للتعليم الفني