بقلم: محمد جابر


عندما خلق الله الإنسان عاش وحيدا، فتكاثر ليشعر بالأمان، ومع إزدياد السكان وإتساع الأوطان، إحتاج التواصل مع الناس، فإبتكر رسائل الحمام الزاجل ثم السفراء، ولكنهم أخذوا وقتا طويلا وتعرضوا للأخطار، ثم إخترع موجات سلكية وإستخدمها “جراهام بل” لإختراع تيلفون بين فردين عام1876ثم تليفون سويتش بتحويلة عام 1882 ثم تليفون إتصال مباشر عام 1919 ثم تليفون بمايك وسماعة ثم تليفون بأزرار بدلا من قرص ثم تليفون باللاسلكى عام 1973 وتطور التليفون إلى مباشر بين محافظات ثم بين دول..وتطورت معداته من يدوية إلى رقمية وكابلاته من نحاسية إلى ضوئية، وقصر التليفون على شخصيات عامة وأثرياء، وكان يوجد تليفون واحد فى مدينة وقرية للمأمور وللعمدة، ونتذكر تجمعنا بمنزل به تليفون مساء الخميس، ننتظر مكالمة من قريب بدولة عربية، إلا أنه إنتشر سريعا..حتى ظهر الموبايل فى التسعينات وأحدث ثورة إتصالات ثانية، حيث شمل خدمات كثيرة فى جهاز محمول صغير، وقصر الموبايل أيضا على شخصيات عامة وأثرياء، لكنه إنتشر سريعا..ولم يتوقف تطور الإتصالات، بل إنطلق مع ظهور الإنترنت، الذى أحدث ثورة إتصالات ثالثة، لتشمل صوت وصورة وبيانات ومعلومات وخدمات، وغيرها من إحتياجات العصر الحديث، وتعددت شركات المحمول وتنافست تقديم خدماتها، رغم أن الأبحاث أكدت أن بالمحمول ذبذبات كهرومغناطيسية قاتلة، تضر وظائف المخ والقلب، وهذه الذبذبات من شدتها تكفى شواء بيضه..إلا أننا أخيرا بدأنا نشكو من إرتفاع فواتير الإتصالات، ولوبحثنا سنجد أسباب كثيرة..فعدد السكان فى الستينات كان سبعة وعشرين مليون واليوم مائة وثمانية مليون، أى تضاعف أربعة مرات، وكان بالمنزل تليفون أرضى، واليوم كل شخص معه أكثر من موبايل، ولوحسبنا إستهلاك كل شخص بالنسبه لعدد السكان، سنجد أرقاما مفزعة من إستهلاك الإتصالات، وهناك سبب آخر وهو خدمات مقدمة بالموبايل لم تكن بالتليفون الأرضى، مثل باقات مكالمات وإنترنت وتحديد مواقع وحسابات بنكية وخدمات حكومية ونتائج إمتحانات ودفع مرتبات، وبالرغم من الأسباب السابقة..إلا أننا بإسرافنا وبتبذيرنا، السبب الحقيقى وراء إرتفاع فواتير الإتصالات، لأننا نبدد نعمة الله ولا نصونها..هل يرضى الله أن نغير موديلات جهاز الموبايل بإستمرار، لنشترى موديلات حديثة بألآف الجنيهات، لمجرد التفاخر والمنظرة، فى حين يوجد بيننا إنسان أولى بثمنها، سواء كان جائع دون طعام أو مريض دون دواء أوعار دون كساء أوغطاء يستر جسده من برد شتاء..هل يرضى الله أن نجرى مكالمات طويلة، لاطائل منها إلا خوض الأعراض وتدبير المؤامرات وإغتياب المحصنات وإرتكاب المعصيات..هل يرضى الله أن نجرى مكالمات طويلة، تعطلنا عن أعمالنا ووظائفنا المفروضة، لإنهاء المعاملات ومصالح العباد..هل يرضى الله أن نجرى مكالمات طويلة، تعطلنا عن آدائنا لفروضنا وصلاتنا وعباداتنا..هل يرضى الله أن نستخدم موبايلاتنا ساعات طويلة، تكبدنا طائل مالنا ووقتنا لمشاهدتنا الألعاب والشات والفيسبوك والإنترنت، ثم نصرخ إرتفاع الفواتير..هل يرضى الله أن يجرى أولادنا وبناتنا مكالمات طويلة، تهدد سمعتهم وتشوه أسرتهم..هل يرضى الله أن يجرى رجالنا ونسائنا مكالمات طويلة، تفشى خصوصياتهم وأسرار بيوتهم، وتزلزل زواجهم وتدمر أسرتهم ..هل يرضى الله أن يتسبب الموبايل، فى قطيعتنا لأرحامنا أوعزلتنا لأصدقائنا ولأقربائنا، فعند أى مناسبة كنا نسارع بزيارتهم، أما الآن فنحن نكتفيهم بمكالمة أو برسالة فقط..يجب أن نتقى الله فى إتصالاتنا ومكالماتنا، لقد أمرنا الله بكلمة طيبه أوصانا الله فى كتابه “أصلها ثابت وفرعها فى السماء” وحذر الله منها فى كتابه”وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد”وأوصانا بها وحذر منها رسولنا الكريم”من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليقل خيرا أو ليصمت”..لقد أصبحنا أكثر الدول إنفاقا، على المكالمات والموبايلات، وكان أولى بنا إنفاقها على المدارس والمستشفيات، إن أولادنا وبناتنا، أولى بفاتورة المكالمات والموبايلات، فى إنفاقها لتعليمهم وزواجهم، وإن فقراءنا ومرضانا أولى بفاتورة المكالمات والموبايلات، فى إنفاقها لإطعامهم وعلاجهم..وإن تنميه بلادنا أولى بأموالنا فى مشروعاتنا، بدلا من الإقتراض لتنفيذها وسدادها بفوائد يسددها أبنائنا بعدنا..فعلينا أن نتقى الله فى نعمته لنا وأن نحافظ عليها، قبل أن يغضب الله علينا وتزول منا، وعلينا أن نبدأ بأنفسنا وأسرتنا ولاننتظر أن تطالبنا الدولة بذلك..كما قال الرسول الكريم”إبدأ بنفسك وبمن تعول”صدق رسول الله وعلينا أن نغير سلوكياتنا فورا حتى يرضى الله علينا، وتستمر نعمته لنا ولايحرمنا منها، كما قال الله سبحانه وتعالى”إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”صدق الله العظيم.

Loading

By hanaa

رئيس مجلس إدارة جريدة الاوسط العالمية نيوز