بقلم الكاتبة/ سهير منير


ذاك الحب الذي عرف بالتباين البهي .. والحس الندي .. فتارة سهاد يملؤه الشجى .. وتارة شجن يعانق المنى .. إنه الحب المصري الذي عرفه العالم منذ بداية المصري على هذه الأرض..
فالمصري القديم عهدناه محبا للخير والسلام والجمال وتسامت مشاعره المخلصة حتى إن الملك اخناتون بنظراته المحبة للسماء اكتشف ان للكون الها واحدا . فبقانون الحب عرف الوحدانية .
فالحب المصري هو الذي احتوى الأنبياء والنبلاء والأصدقاء والغرباء..
وعانق به أهلها إدريس النبي ويوسف وموسى ومريم والسيدة زينب رضي الله عنها من آل بيت النبي (صلى الله عليه وسلم ) التي دعت لأهلها بالنصرة والبركة فقالت ( آويتموني آواكم الله .. وأعنتموني أعانكم الله .. وأكرمتموني أكرمكم الله ) ..
الآن ونحن في يوم الحب المصري الرابع من نوفمبر ٢٠٢١ . هل تغيرت صفات ذاك الحب؟؟ أم ضاع الحب وبقيت أنعاته .. الأسى والسهاد والأنين ؟؟
فمن البديهي أن يحمل كل منا مشاعر متباينة وله سبله الخاصة في التعبير عنها .. لكنا تعودنا على هذه الأرض في مصرنا المصون أن تتوحد المشاعر ولا تعرف تباينا ولا تملك إلا سبيلا واحدا هو التأثر من اجل بعضنا البعض في مواقف كثيرة يجب أن تشترك فيها البسمات والأنات .. لكنه الآن هيهات هيهات .. تشتتت المشاعر بل اختفت الإنسانيات . فالغالب هكذا إلا من رحم ربي ..
فكل منا أصبح يعيش بمفرده في عالم من الافتراضات.. فأحيانا يصيب وأحيانا يخطىء … لكن الحب الحقيقي أصبح ضربا من الخيالات ..
لأنه بات لا يمنع الما ولا يمنح عطفا إلا برخصة ( ماذا استفيد ) .. شىء مخيف ان نرى طباعنا وهويتنا اصبحت مؤشرا للتباين تحركها المصلحة الفردية . رافضة وشاجبة غيرها .. لا يتملكها غير أناتها وأناتها ، فقد رفعت الغالبية شعار أنا ومن بعدي الطوفان في خضم هذه السوءات الأخلاقية والاحتياجات الحياتية ..
والبقية اصبحت تائهة في غياهب هذا الطوفان ..
اصبحنا نحارب انفسنا حينما تخلى الكثير عن مسؤوليته مشاركا بذلك في انتشار الركاكة واستشراء الغث ..
في اعتقادي المتواضع ان المحتوى في حياتنا باتت خطورته في عدم الانتباه له فأصبح يملؤه العنف والعري والسطحية الفكرية وهو ما لم نعد نراه شيئا عابرا في حياتنا بل استدعاؤها بكل قوة للتعايش معه والانشغال به ..
ترى … هل لتواري الحب دور في ذلك ؟؟
نعم وبكل تأكيد وبملء الفاه وانتباهة العقل ونبض القلب ..
فالكل تخلى ولم يتحل .. تخلى عن مسؤولياته ولم يتحل بحبها ومؤازرتها بهذا الحب .. فلم يدرك الكثير ممن يحمل تلك المسؤولية ان الحب هدية من رب البرية .. فلا ينبغي ان يدثروا هديته .. بل يجب أن يرعوه وينموه في نفوسهم كي ترقى بهم مجتمعاتهم . نحب الله حقا كي نرى الحب يعم ارجاء حياتنا ثانية .. فلا عنف ولا غث ولا هشا نراه يلاحقنا .. فيا ولي الأمر لمنح ابنائك الرعاية الحقيقية كي لا تضيع الرعية فهذا حبك لله لانه تكليف منه سبحانه .. ويا كل معلم لا تعبأ بالسلبيات التي تشجبها . فرسالتك هي رسالة الانبياء .. ويا .. ويا.. وياكل مسؤول . احب مواطنيك كي تحب مسؤوليتك .. فبالحب تسير الركاب وتذلل الصعاب . فما بالكم بالحب المصري ..

Loading