متابعة _ عبدالرحمن شاهين
• البلدان الأقل نموا التي تواجه صعوبات كبيرة بسبب الطفرة في أسعار الغذاء والطاقة
• النظام المالي العالمي المنحاز انحيازا عميقا، قد ظلم الدول الأقل نموا
• آن الأوان لتنفذ الدول المتقدمة التزاماتها نحو الدول الأقل نموا
شدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، على ضرورة تحويل برنامج عمل الدوحة إلى نتائج ملموسة، والالتفاف حول هذا الهدف خلا أقرب وقت ممكن، خاصة وأن العالم معرض لمتغيرات غير متوقعة، وذلك بحسب ما نشرته وكالة الأنباء القطرية «قنا».
وأكد في كلمته، أمام مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بأقل البلدان نموا الذي انطلق اليوم بالدوحة، أن برنامج عمل الدوحة «2022 – 2031»، دليل عملي للعديد من القضايا فهو يحتوي على أهداف ومخرجات ملموسة كالمرفق المستدام لإزالة أسماء الدول عن قائمة البلدان الأقل نموا، ومركز دعم الاستثمار، وجامعة افتراضية لها أن تلعب دورا مؤثرا في أهداف التنمية المستدامة في الدول الأقل نموا، داعيا شركاء الأمم المتحدة في التنمية لدعم تنفيذ مخرجات هذا البرنامج وأهدافه.
وأوضح جوتيريش، أن هذا المؤتمر كان من المفترض أن يعقد في يناير من العام الماضي، لكن إلغاءه المفاجئ بسبب موجة أوميكرون من فيروس كورونا، جاء ليذكرنا بأن العالم معرض لمتغيرات غير متوقعة، مستدلا على ذلك باندلاع الحرب في أوكرانيا وآثارها المدمرة على الشعب الأوكراني، والبلدان الأقل نموا التي تواجه صعوبات كبيرة؛ بسبب الطفرة في أسعار الغذاء والطاقة، وكذلك التوترات العالمية والانقسامات التي تتعمق وتتزايد.
وأضاف أن النظام المالي العالمي المنحاز انحيازا عميقا، قد ظلم الدول الأقل نموا ظلما واضحا فالدول الأقل نموا عالقة في موجة من الأزمات وانعدام اليقين، والفوضى المناخية والظلم العالمي التاريخي، وهي غير قادرة على اللحاق بالتغيرات التكنولوجية السريعة، وأن نظمها قد وصلت إلى حد الفناء سواء في الرعاية الصحية والتعليم والحماية الاجتماعية والبنى التحتية وخلق الوظائف، فالبطالة ترتفع وخاصة بين الشباب، والمرأة تهمش.
وبين الأمين العام للأمم المتحدة، أن الدول الأقل نموا تواجه نسب فائدة تفوق بـ8 مرات تلك المقدمة للدول المتقدمة وهذا الأمر لا يزداد إلا سوءا، كما أن 25 بالمئة من الاقتصادات النامية تنفق أكثر من 20 بالمئة ليس على بناء المدارس، ولا على إطعام شعبها، ولا على توسيع الفرص المتاحة بين الشاب والفتاة، بل لتوفير وتحمل تكاليف الديون، مشيرا إلى أن بعض هذه الديون شهدت زيادة تفوق 35 بالمئة في نسب تلك التكاليف.
وأكد أن الدول الأقل نموا بحاجة إلى ثورة في الدعم المقدم لثلاثة مجالات رئيسية، أولا: المساعدة الفورية لإنقاذ أهداف التنمية المستدامة لأن هذه الدول تعتبر هذه الأهداف غاية بقاء بحد ذاتها كالقضاء على الفقر وأهداف الصحة والغذاء والمياه النظيفة والصرف الصحي، وكذلك تقديم حزمة حوافز لأهداف التنمية المستدامة ليلتف العالم حولها وليوفر 500 مليار دولار على الأقل سنويا للدول النامية.
وتابع الأمين العام للأمم المتحدة بأنه آن الأوان لتنفذ الدول المتقدمة التزاماتها نحو الدول الأقل نموا بتوفير 0.15 إلى 0.20 من نسبة ناتجها المحلي في شكل مساعدات إنمائية وأن الأمم المتحدة لن تقبل الأعذار، منبها إلى ضرورة تعزيز الجهود الدولية لتفادي عدم دفع الضرائب، وغسيل الأموال، والتدفقات المالية غير المشروعة التي تستنزف المصادر المحلية.
وأضاف: «بالرغم من أنه ما من دولة أو منطقة في منأى عن هذه الأفعال إلا أن الدول ذات الدخل الأقل تفقد الكثير من عوائد الضرائب على هذه الأموال، رغم أنها بحاجة إلى التمويل والدعم لتحقيق تحول هيكلي كما أنها بحاجة إلى الاستثمار في القدرات التصنيعية والتكنولوجية والبنى التحتية وشبكات النقل، وإعطاء المرأة مقعدا على مائدة صنع القرار وقطاع الأعمال والحياة المدنية والاستثمار في التعليم والتدريب لتخرج بقوى عاملة مؤهلة تعزز مؤسساتها».
وذكر أن المجال الرئيسي الثاني الذي تحتاج البلدان الأقل نموا إلى الدعم فيه، هو إصلاح النظام المالي العالمي فعلى المؤسسات المالية الدولية ابتكار السبل لتوفير التمويل حين تتعاظم الحاجة إليه، وهذا يشتمل على توسيع التمويل الاحتياطي وإدماج شروط بشأن الكوارث والجوائح في صكوك وبنود الإقراض، مضيفًا: «آن الأوان أيضا لتسريع إعادة تخصيص حقوق السحب الخاصة من الدول الأكثر ثراء إلى الدول التي تحتاج مساعدة أكثر من غيرها، وأن تخلق تدفقات أعظم من التمويل من القطاع الخاص بتكلفة معقولة للدول النامية وخاصة الأقل نموا، وأهمية إيجاد سبل جديدة ومبتكرة لقياس اقتصادات الدول تتعدى مجرد حساب إجمالي الناتج المحلي».
أما المجال الثالث والأخير فهو أن الدول الأقل نموا عليها أن تحدث ثورة لدعم العمل المناخي لأنها تنتج أقل من 4 بالمئة من انبعاثات الغازات الدفيئة ومن الكارثة أن 7 من كل 10 وفيات بسبب الغازات الدفيئة تحدث في هذه الدول، مشددا على أن الدول المتقدمة عليها تعزيز دعمها للدول الأقل نموا ومساعدتها على التكيف وزيادة قدرتها على الصمود في مواجهة تغير المناخ والانتقال بشكل أكثر سلاسة لمصادر الطاقة المتجددة كما أن على الدول المتقدمة أن تفي بوعودها بتوفير 100 مليار دولار لصالح الدول النامية، وتبسيط الاستفادة من التمويل لاتخاذ الإجراءات المناخية المطلوبة، وكذلك تسهيل الوصول إلى صندوق التعويض عن الخسارة والضرر وتعزيز تمويل جهود التكيف إلى الضعف والسعي لتحقيق مساواة أعلى لهذا الصندوق ودعم استحداث نظم إنذار مبكر في السنوات الخمس المقبلة لكل دول العالم.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة في ختام كلمته إلى عقد اتفاق للتعاضد المناخي، وتوفير الدعم المالي والفني لضمان تحول الاقتصادات الناشئة إلى مصادر الطاقة المتجددة، والاحتفاظ بهدف إبقاء زيادة درجة حرارة الكوكب أقل من 1.5 درجة فقد حان الوقت لإنهاء زمن «الوعود الفارغة» وإعطاء وإيلاء الاهتمام الكافي لاحتياجات الدول الأقل نموا التي تقع في صلب مشاريعنا وأولوياتنا واستثماراتنا.