كتب: إسماعيل السعداوي

بسم الله الرحمن الرحيم

كل التحية والسلام إلى الشعب الإثيوبي العريق،
أهلنا في الجنوب الطيبين الأشقاء،
وجميع شعوب نهر ووادي النيل المقدس..

نهر النيل الذي عمره من عمر آدم أبو البشر..
النهر الذي مهد لأول وأقدم حضارة عرفتها البشرية..

حضارة وادي النيل والتي نشأت على جانبيه، وعلى روافده القادمة بالخير من أرض أثيوبيا أي أرض الثواب المباركة حاملة معها الرزق من السماء، والماء والغذاء، والطمي والخصوبة والنماء، والبركة والكرم والعطاء، والرحمة والمودة والوفرة والرخاء، هبة من الله الكريم العليم لشعوب وادي النيل الطيبين

إذا عدنا بالتاريخ البشري سنجد أن العلماء أثبتوا أن أقدم آثار لإنسان ولحياة بشر على الأرض كانت في وادي النيل وبالتحديد قبل 200000 سنة تقريبا حيث اكتشفت عظام أقدم إنسان عاقل على وجه كوكبنا (هومو سابين Homo Sapiens) خلال العصر الحجري القديم الأوسط وذلك في جنوب غرب إثيوبيا، واكتشف العلماء أيضا أن الإنسان القديم انتشر في العالم أجمع متخذا من شرق أفريقيا والقرن الإفريقي نقطة الإنطلاق .. تحديدا من جنوب مصر حيث الهضبة الأثيوبية وإريتريا وجيبوتي والصومال وحيث كانت كل هذه البلاد مقاطعات مصرية وأمة واحدة..

فكانت أول هجرات التاريخ من موانيء أقصوم وميناء عادل أو أدوليس، وعبر البحر الأحمر إلى اليمن، ومن ميناء توكر بسودان مصر إلى صحراء نجد ومن ميناء الجرف جنوب السويس لغرب آسيا ومن سيناء مصر إلى الشام، وكانت هذه الهجرة الأولة لسكان وادي النيل، وتلتها بعد ذلك هجرات من الشام والعريش ودمياط ورشيد والإسكندرية للأناضول واليونان ومنها لأوروبا..

وبإختصار إذا أردنا معرفة أصل هذا العالم فأصل هذا العالم وجذور الإنسانية وبداية المصير والمسير، وادي النيل بفروعه السبعة الكبيرة القديمة..

من هنا تبدأ قصة البشرية من مصر أم الدنيا ووادي النيل، ومن هنا جاء إسم “مصر” المذكور في كتبنا المقدسة وأقدم النصوص السليمة في التاريخ بدون تشويه أو تحريف أو تزوير وحيث أن حرف الصاد والسين يستبدلا في اللغة العربية لغة آدم..فمصر أو مسر (مصِر) كما ينطقها الكثيرون هي المصير او المسير..

حيث تبدأ من الهضبة الأثيوبية أو سقف أفريقيا كما يقال عنها، هبوطا إلى السودان والنوبة والصعيد والدلتا والساحل الشمالي وسيناء حيث هبط آدم وهبطت بنو إسرائيل،
وكان مسار وادي النيل هو المصير والمسير لتلك الأمة والحضارة العظيمة
كنا وسنظل أمة واحدة مهما كانت الظروف ومهما حاولت الشياطين النزغ بيننا أو زرع العداوة والأحقاد..

يقول الله في سورة البقرة:
(كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وانزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه الا الذين اوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين امنوا لما اختلفوا فيه من الحق باذنه والله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم) آية 213

وبديهي أن نعلم أن تلك الأمة هي أمتنا..أمة وادي النيل..نهر من أنهار الجنة..

وسواء قام المحتلين بتقسيم المنطقة، أو فرض علينا الغرب والشياطين أسماء مختلفة منها حضارة بنط وسنط أو كوش وحوش وحضارة مروة وفروة، سنظل متماسكين ومعتصمين بحبل الله لا نتفرق أبدا..

وقد استخرع الغرب ترجمات حسب أهوائهم وأهدافهم .. وذلك بعد أن تأكدوا أننا لا نستطيع قراءتها، وبعد أن احتلونا عسكريا وفكريا وثقافيا، ومنعونا من التعليم لقرون طويلة وقطعوا سبل التواصل بيننا وبين آبائنا ومحو ذاكرتنا، فلم نعد نستطيع أن نقرأ رسائل أجدادنا التي تركوها لنا على المعابد وفي البرديات وفي المقابر، فزعموا هم بأنهم توصوا لقرائتها وترجمتها وصدروا لنا شخص لا يعلم شيئا عن لغتنا يسمى “شامبيليون” إبان الحملة الفرنسية الموحشة على مصر، وبعد أن قام بمهمته قتلوه وهو لازال شابا كي لا يفضح أمره، وصنعوا له تمثال وهو يقف بجزمته فوق أحد أجدادنا العظام في جامعة السوربون في فرنسا وهو بذلك يقف فوق رؤوسنا جميعا، فذلك ما حدث بالفعل، فهم قد غزوا رؤوسنا وأقنعونا بتاريخ مزيف يملؤه التشويه والزيف..

وقد غير وزيف الرومان أيضا، ومن بعدهم الغزاة من الغرب والشرق وجه أفريقيا ودين المنطقة كلها وبدلوا مساجدها او معابدها الأثرية لحلبات مصارعة وساحات إعدام وأشياء أخرى..

وعلى مدار قرون طويلة حاول إبليس وأعوانه من الجن والبشر بقدر الإمكان تفتيت أمة وادي النيل، فزرع العداوة والحقد بين هابيل وقابيل وبين الإخوة في أمتنا..

ففرق الرومان والطليان والإنجليز مصر إلى مصر، والسودان، وأثيوبيا وأوغندا، ثم التفتوا إلى أثيوبيا وقسموها إلى أثيبويا والصومال وإريتريا وجيبوتي، وثم تفتيت أكثر من ذلك، فقسموا السودان إلى السودان وجنوب السودان، والصومال إلى الصومال وبونط، ويحاولوا الآن تقسيم أثيوبيا لأكثر من ذلك وتقسيم السودان لأقاليم منفصلة، ولازال هؤلاء الشياطين، ينشرون الأكاذيب التاريخية والقصصة المزعمة لتفريق أمتنا، ولعلكم تتذكروا ماذا فعلوا في روندا بين الإخوة هناك واستطاعوا بالفتنة قتل ملايين من الهوتو والتوتسي..

وامتلأت الأرض والأنهار بالدماء وأصبح الكل خسران، كل الإنسانية خسرت بسبب الحماقة والغباء والغرور والحقد والتكبر واتباع الشيطان..

ولا ننسى أنهم فعلوا ذلك في كل مستعمارتهم في المغرب العربي وفي الهند التي قسموها إلى الهند والباكستان وبنجلادش

وذلك لإيمانهم بمبدأ فرق تسد….فهل نحن على وعي بذلك؟ وعلى وعي أن قوتنا في وحدتنا يا شعوب وادي النيل؟!

مصر وأثيوبيا والسودان شعب وحضارة واحدة متصلة والأدلة التاريخية والعينية والجينية والأثرية والعلمية كثيرة جدا وخير دليل، ولعلنا نتذكر أن المياه التي تضع فيها أطفال أثيوبيا أقدامهم بالنهار، تشرب منها أطفال السودان في الظهيرة وأطفال مصر بالليل، فنحن جميعا نشرب من نفس المياه ونرعى نفس الأرض، ولدينا نفس العادات والتقاليد وندين بنفس الدين ونتكلم لغة واحدة، وتقف مسلات الأقصوم في أثيوبيا ومسلات الأقصر في مصر وكأنهم مرآة لبعضهم البعض، فهو نفس الشعب الأبي الذي شيد الحضارة هنا وهناك..

ولو نظرنا في الملامح الطيبة لرئيس أثيوبيا أبي أحمد سنجد توأمه عندنا في مصر، وأدعوا إخواتنا في أثيوبيا بزيارة قنا أو أسوان ليجدوا الكثير بنفس تلك البشرة وقسمات الوجه المشتركة وكأنهم من أم واحدة وأب واحد، وذلك لأننا جميعا نشرب ونأكل ومتنفس من نفس المصدر وأهمها المياه..

فنحن نشترك معا في المياه أي في الحياه وسبحانه من قال:
“وجعلنا من الماء كل شيء حي”
صدق الله العظيم

((انظروا للصور والخرائط الملحقة))

ولو عدنا بالتاريخ سنجد أيضا أن أعداءنا قديما أرادوا بنا كيدا، فقد أتى الرومان ومن بعدهم البرتغاليين وغيرهم وكلهم حاولوا أن يبنوا حواجز وسدود ليمنعوا عن مصر المياه، لكي تجف الأرض ويهلك الزرع والناس من العطش والجوع في مصر والسودان، وبالتالي يستطيعوا دخول وادي النيل وإحتلال الأرض وسرقة الحضارة والعلوم ويرثوا كنوزنا وجناتنا..

والآن يحدث نفس الشيء، فالصهاينة والماسون والأبالسة جميعهم يريدون الجنة، يريدون أرض وادي النيل، فهل سنسمح لهم؟

أرجو من الشعب الأثيوبي أن يفكر مليا، ويراجع نفسه بصدق ويراجع التاريخ، فنحن كلما انفصلنا عن بعض ووقعت بيننا الفتن وقف تقدمنا وانحدرنا، ولم تكن لنا حضارة وتقدم إلا فقد عندما اتحدنا واعتصمنا جميعا بحل الله نزرع ونبني وتعمر وننشر الحضارة والسلام وعودوا إلى التاريخ ورسائل الأجداد..

وفي وقت من الأوقات كان هناك ملكا عادلا في أثيوبيا يحكم بالحق والعدل والميثاق وهو الملك “النجاشي”، والذي لجأ إليه المسلمون القادمون من مكة هربا من الظلم والتعذيب، وقد أوصاهم الرسول ونصحهم باللجوء لملك أثيوبيا الطيب والحكيم ولشعب أثيوبيا الكريم..

ومن بين هؤلاء المهاجرين مصريين أيضا قد تركوا وادي النيل إبان الغزو الروماني هروبا إلى أرض نجد التي كانت وقت إذن هي نجدتهم وعندما اشتد عليهم العذاب وعلموا أن أرض وادي النيل بها ملك قوي وعادل فجائهم الأمل ليعودوا لمصر ووادي النيل عن طريق أثيوبيا والإستقواء بملكها وشعبها ليكونوا لهم ظهير وقد كان..

وهذا العشم دوما في شعب أثيوبيا وحاكمه وحكومته..
فهل لازال الحاكم نجاشي الطبع وهل لازال الشعب الأثيوبي بنفس الحكمة والطيبة، بالطبع نعم، وكل ما علينا هو أن نطهر أنفسنا من أي مخاوف وأحقاد وروايات كاذبة عششت في أذهاننا وأن نعلو فوق الكبر والأنانية، فالدنيا دنيا وفانية..

ولا ننكر أن مصر خلال عقود سابقة انتهجت سياسات خاطئة،
بعدتها لفترة مؤقتة عن إثيوبيا مما جعل الصهاينة يستغلون لاك الفترة الفاترة ويتقربون من أصحاب القرار في إثيوبيا ويزيدون الفجوة بيننا..

وقد تدهورت العلاقات بيننا وبين أشقائنا في أثيوبيا والسودان، وخصوصا بعد المحاولة الفاشلة لإغتيال الرئيس الراحل محمد حسني مبارك رحمه الله، ولكن الشعب المصري ثار في 25 يناير وفي 30 يونيو لإصلاح تلك السياسات الخاطئة، وبدأ أمل ونور جديد في مصر وأفريقيا والوطن العربي والعالم، وغيرت مصر سياساتها الداخلية والخارجية ومدت يد العون والسلام لكل أشقائها، ولكن في نفس الوقت الذي بدأت فيه مصر عهد جديد بقيادة شعبها وجيشها وتحت قيادة رئيس شجاع وبطل ومحب للسلام والعدل والخير وخصوصا لشعوب وادي النيل..

في نفس ذلك الوقت نجد أعداء مصر يخططون ويتكالبون لوقف جماح مصر وهدم آمالها، ونجد الصهاينة يذهبون لأثيوبيا ويحاولوا استرضائهم ووعدهم بإعطائهم المال والعلم والسلاح وبناء المشاريع ووعود أخرى، لبناء سد يهدد حياة الملايين من الشعب المصري السودان بل والأثيوبي بالغرق والعطش والجوع، وفي نفس الوقت يزرعون الإرهاب في السودان ومصر، في دارفور وسيناء والصحراء الغربية..

ودول أخري غير دولة الإحتلال الصهيونية، أيضا ذهبت لأثيوبيا وعرضت التعاون معها
وأرجو من الشعب الأثيوبي يقف لحظة ويتدبر أمره، من من هؤلاء الدول يهمه بالفعل أمر الأثيوبيين ولماذا؟ وهل بالفعل تلك الدول أقرب للأثيوبيين وأحرص على الشعب الأثيوبي من الشعب السوداني المصري؟

هل بعد أن ثار الشعب المصري ضد الظلم والفساد وفقد الكثير من خيرة شبابه من أجل الحرية والحياة الكريمة لن يمد يده بالخير والسلام والتعاون البناء مع إخوانه في أثيوبيا والسودان؟

لقد عرض علماء مصريين مشاريع كثيرة بديلة عن سد النهضة العملاق الذي يمثل خطورة كبيرة على التربة، وكل تلك المشاريع البديلة ستوفر طاقة كهربائية وإنتاجية تنموية أكبر مما سيحققه سد النهضة ومنهم المشروع الذي قدمه مهندس السدود الدكتور أحمد عبد الخالق الشناوي الذي ولد في السودان وكان والده رحمه الله وزير الري في مصر في الستينيات..

وأحد تلك المشاريع كان عبارة عن سدود صغيرة متتالية، وخلف كل سد بحيرة صغيرة للتخزين وللتنمية وبدل من توليد الكهرباء مرة واحدة، سيتم استغلال شلال المياه مرات متتالية وتوليد الكهرباء في كل مرة عن طريق توربيدات في كل سد، وبالتالي سيتم مضاعفة الطاقة الإنتاجية وخلق مجتمعات زراعية وصناعية خلف كل سد وحول كل بحيرة، ولكن كل المشاريع المقدمة رفضت من أثيوبيا والسبب هو أن مصر هي التي تقدمها..

فلازال هناك عدم ثقة، وعذركم واضح، وهو تلك السياسات الخاطئة التي مرت على مصر في فترة مؤقتة وصغيرة جدا مقارنة بالتاريخ الطويل جدا الضارب في جذور الدهر
منذ 2011 وخصوصا من بعد سقوط حكومة الإخوان وتولي الرئيس المؤقت عدلي منصور ومن بعده الرئيس المنتخب الرئيس السيسي ومصر تتغير..ولا ننسى أيضا أن مصر دائما إذا وعدت نفذت ولا تصدقوا الأكاذيب التي يروجها أعدائنا..

تذكروا وعود مصر ووقوفها من قبل مع الجزائر ضد الإحتلال الفرنسي ومع نيجيريا ومع الكونغو ومع أوغندة ومع غانا ومع كثير من الدول الأفريقية التي ناهضت الإحتلال وثارت ضد الظلم، فقد مددتها مصر بالسلاح والعلم والعون، ومع دول أخرى كاليمن والكويت والسعودية، ومع شاه إيران حين رفض العالم كله أن يستضيفه بعد أن صارت حياته وحياة أسرته في خطر وهددت أمريكا جميع دول العالم وأمرتهم بألا يستقبلوه ولكن مصر رفضت هذا التهديد واستقبل الرئيس السادات والشعب المصري الشاه وأسرته بكل حب وعرفان، لأنه ساعد مصر في ظرف شديد جدا وأمر بتحويل مركب نفط كانت ذاهبة لأوروبا لنجدة مصر في حربها ضد الظلم والطغيان الصهيوني الأعمى، فمصر وفية ولا تنسى أبدا من يقف بجانبها..

“مصر وعدت من قبل القبائل التي تعيش في مستنقعات المياه في السودان بتنمية ومشاريع كثيرة، وبشق ترع لتوصيل مياه المستنقعات لنهر النيل لكي يستفيد منها الشعب السوداني المصري، والذي كان سيوفر 17 مليار متر مكعب من المياه، ولكن قبل انتهاء آخر 3% من المشروع في عام 1983 قامت أجهزة مخابرات معادية ببث الأكاذيب والفتن في نفوس تلك القبائل وإقناعهم بأن مصر لن تساعدهم ولن توفي بأي وعد، بالتالي قامت تلك القبائل بقتل المهندسين العاملين في المشروع وتم استوقاف المشروع ولو كانوا صبروا لكان الوضع الآن مختلف تماما، ولحدثت تنمية وإعمار لأن مصر دائما صادقة في وعودها، ولاستفادت أثيوبيا أيضا لان حصة مصر من المياه لأصبحت أفضل”

فمصر قامت بكثير من المشاريع التنموية في بلاد أفريقية كثيرة تعليمية وإنشائية ومدنية وزراعية وصناعية..

مصر دوما وفية مخلصة لأمها القارة الأفريقية وشعوبها التي اتى منهم الكثير طالبين العلم في مدارسها وجامعاتها..

ولا ننسى العلاقة الطيبة بين المسلمين في إثيوبيا والمسلمين في مصر وبين أقباط مصر وأقباط إثيوبيا وحتى يهود إثيوبيا وقفت معهم مصر في كثير من المواقف
وهناك صلات دينية وروحية كبيرة أيضا بين مسجد النجاشي وجامع الأزهر
وبين كنيسة التوحيد الإثيوبية والكنيسة القبطية الأرثوزوكسية..

والروابط التاريخية بين أديس أبابا والأقصوم وبين القاهرة والإسكندرية روابط يستحيل كسرها مهما حدث..

مصر لا تنسى أبدا أشقائها وكل من يقف في صفها لأن مصر أبدا على مدار التاريخ البشري لم تكن دولة معتدية أو مغتصبة، ودوما كانت دولة سلام ودولة حق وأفضل من يدافع عنهما وعن نفسها وتصون وتحفظ أمنها القومي وأمن جيرانها وأصدقائها المقربين ..

كما أن مصر يستحيل أن تصبر أكثر من ذلك، فمصر صاحبة أقدم جيش منظم وأقدم مؤسسة عسكرية في العالم وفي التاريخ .. ولديها القوة والقدرة على الدفاع عن شعبها وأهلها في مصر والسودان وخلف السد في إثيوبيا ذاتها أيضا، والحكومة الإثيوبية تستمر في إستفزازت ومماطلات قد تدفع ثمنها غالي من أرواح أبرياء وأموال شعب وموارد جمة..

والسؤال الكبير الذي يفرض نفسه، لماذا تتعنت الحكومة الإثيوبية من التواصل الإيجابي مع مصر والتفاهم العادل على شروط ملىء خزان السد..

والحق كل الحق معنا، فحسب معاهدة 1902 مصر مع ملك إثيوبيا منليك الثاني تم الإتفاق على التالي:
تتنازل مصر عن 3600 كيلومتر مربع من الأملاك المصرية الواقعة في بني شنقول لإثيوبيا بشرط عدم السماح بالقيام بأي أعمال على مجرى النهر الأزرق أو بحيرة تانا أو سوباط والتي قد تعيق مجرى النهر بدون الرجوع إلى مصر والمنوب عنها حين ذاك الحكومتين البريطانية والسودانية وهي إتفاقية حدود لا جدال فيها..

ومصر تقف بجاني الشعب الإثيوبي وتقف مع طموحاته للتنمية والتقدم وهي أول من يمد لها يد العون ويتصدر الصفوف لمساعدتها والوصول إلى ما تأمل وتطمح..

ولا تمانع مصر أبدا من إنشاء سد او سدين او ثلاثة ولكن بمعايير محددة لا تضر أحدا و ينتفع بها الجميع، وتحقق ما تنشده شعوب وادي النيل، بل و يكون هذا المشروع ترسيخ للصداقة والإخوة والعلاقات المتينة بيننا..

مصر تريد من الإثيوبين إطالة فترة بناء السد وذلك له فوائده على إثيوبيا قبل مصر والسودان، فالملء السريع يهدد جسم السد ويهدد المنطقة الواقع عليه السد والبحيرة

ونستعجب لماذا لا توافق الحكومة الإثيوبية؟
ألم تحيا إثيوبيا آلاف السنوات بدون هذا السد؟
ألم تصبر إثيوبيا لعقود طويلة قبل الشروع في بناء السد في فترة غابت فيها المؤسسات في مصر، ووقع فيها النظام بسبب ثورة يناير؟

منذ 2011 وتشرع إثيوبيا في بماء السد، فلماذا لا تصبر إثيوبيا ثلاث أو أربع سنوات زيادة وتكسب بها سعادة وود مصر والسودان و250 مليون نسبة هو عدد سكان وشعب الدول الشقيقة الثلاثة الواحد..

كما أن الموافقة فقط على شروط الملء والتشغيل المنصفة جدا، والتي ستحقق كل أهدافكم وكل أهدافنا سيوفر عليكم مليارات الدولارات التي تصرفونها من أجل شراء سلاح ومنظومات دفاع عن السد..

ففي 2015 فقط اشترت مصر سلاح ب 82 مليار جنيه
منها طائرات الرافال وحاملتي الطائرات الميسترال وغيرها..

وإثيوبيا صرفت المليارات أيضا على صفقات مثل منظومة الدفاع الروسي بانتسير و اس -300 و ومنظومة الدفاع الإسرائيلية الصهيونية سبايدر إم آر..

مع العلم أن تكلفة بناء السد تقريبا 4.6 مليار دولار أي أقل من 80 مليار جنيه، فهل يعقل أن تتكلف دولنا كل تلك التكاليف من أجل دفاعكم عن السد وحمايته ومن أجل دفاعنا عن حقوقنا في الحياة؟!

هل يعقل أن تكون تكاليف حماية السد أكبر من تكاليف بناءه ذاته؟

ويدفع الشعب الإثيوبي المصري تلك التكاليف من قوته وعرقه وتعبه، لماذا لا يتم توجيه تلك الأموال لمشاريع تنموية في إثيوبيا ومصر والسودان؟
من أجل ماذا ومن أجل من كل هذا العند والتعنت الإثيوبي؟!

إن الرابح الوحيد من كل ذلك هم أعدائنا، هم المستفيدين من بيع السلاح ومن التدخل في شئوننا، وإستغلال مواردنا ومائنا لمصالحهم الشيطانية..

هل يرضى الشعب الإثيبوبي بذلك؟

إن مصر تمد يد العون، ويد السلام وليس عن ضعف أبدا، بل عن ود صادق، وشجاعة حقة، وتأكدوا أنه في حال رفضت الحكومة الإثيوبية جميع الحلول واستمرت بلهجة التهديد لملء السد بالطريقة التي تراها، فإننا جميعا سنكون خاسرون ولكنكم ستكونون الأكثر خسارة..
يزعم أحد العاملين في الحكومة الإثيوبية وأيضا بعض المتعصبين والجهلاء أن النهر ملك لإثيوبيا وحدها وهي التي تحدد فقط حصة مصر من المياه، كيف يكون ذلك؟!

إن هذه المياه هبة من الله من السماء للناس، وقد حدد لها الله مسيرها وشق لها الطريق من الهضبة الإثيوبية حتى الدلتا و البحر .. ورسالة خير وسلام ووصال أبدي بين بحيرة تانا المقدسة وبحيرة المنزلة..
فإن تلك المياه يفتح لها باب من السماء تحت عرش الرحمن، لتنهمر فوق الهضبة الإثيوبية وتلتقي مع الماء المتفجر من باب مفتوح آخر من الأرض في بحيرة تانا ليروي الأرض ويسقي الناس والحرث والأنعام..

وذلك الباب قادر الله أن يغلقه ويفتحه في مكان آخر فوق الصومال او فوق آريتريا أو فوق السودان ويحرمكم من بركاته، ففي يده هو وحده ملكوت السماوات والأرض وهو الذي يسوق السحاب في السماء والأنهار على الأرض……لا تظنوا لوهلة أنكم قادرين على التحكم في المياه التي رزق الله بها عباده؟

وهل تظنوا أن الماء أو السد سيكون مباركا لكم إذ أنتم هددتم حياة الملايين وتسببتم في موت إنسان واحد فقط بسبب إحتجاز المياه أو بسبب أي نزاع يخص السد؟
فماذا لو تسبب السد في فتنة أو انهار لأي سبب أو اهتزت الأرض من تحته، وتسبب في غرق او عطش الناس؟
هل سيكون لذلك المشروع أي بركة بعد ذلك؟

والله يقول في كتابه الكريم:
“مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ” آية 32 المائدة

ويقول:
“أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ” آية 30 الأنبياء

ويقول:
” وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ ” الحجر 22
” قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ” 88 المؤمنون
” إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ – فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ” 82،83 يس

تحياتنا للشعب الإثيوبي
من مصر أم الدنيا بلد السلام والأمان لإثيوبيا بلد الثواب والخير
والسلام عليكم

Loading

By hanaa

رئيس مجلس إدارة جريدة الاوسط العالمية نيوز